فصل يشترط في الضمان أمور

[حكم - 124] يشترط في الضمان

  1. الإيجاب أما الإيجاب فهو معلوم انه من الضامن واختلف في القابل هل يشترط قبول المضمون عنه أم لا و هل يشترط المضمون له ام لا و الظاهر عدم شرطية العلم بالمضمون له و لا العلم برضاه الضمان من الإيقاعات فلا بد من إيجاب قولي او فعلي كما هو كل إيقاع معاطاتي و إما اشتهار انهمن العقود فالظاهر من روايات عدم صلاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على المديون انه من الإيقاعات من الضامن و هو لم يسأل عن المضمون له و لا المضمون عنه نعم لو كان المضمون له حاضرا ً و أجاب الإيجاب صار عقدا ً و تمت أركان العقد و لكن ليس بشرط فيصبح ان يكون إيقاعا ً

[حكم - 125] لا يشترط رضاء المضمون عنه فيصح التبرع كما ورد في المديون بعد موته و هذا هو المشهور المنصور عن ابي سعيد الخدري قال كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في جنازة فلما وضعت فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) هل على صاحبكم من دين؟ قالوا نعم درهمان فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) صلواعلى صاحبكم فقال على(ع) هما علي يا رسول وانأ لهما ضامن من فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصــلي عليه ثم اقبل على علي(ع) فقال جزاك الله عن الإســــلام خيرا ً وفك رهانك كمافككت رهان اخيك)(1)
وغيره مثله في حوادث عديدة
[حكم - 126] قلنا ان الضمان إيقاع فلا يشترط قبول المضمون عنه و لا المضمون له هو الامر العام الشامل
ويخرج من ذلك أحوال مخصوصة فيشترط فيها القبول من المضمون له او من المضمون عنه او من كليهما فيكون عقد ثلاثي الأطراف وذلك فيما يحصل حرج وضرر مثل ان يضمن شخص حاقد متكبر يتبرع ليعير المضمون عنه او المضمون له او يؤدبه او بتسليط علة و يفضحه بين الناساو يذله او
يتجسس عليه و هكذا أذا يعيره الآخرون و يؤذونه فهو يخاف من الناس اذا ضمنه ضامن له او ضمن عنه فهذا الضمان لا يصح الا اذا قبل الإطراف الخائفة من هذا الشرير
ب – ان يكون الضامن بالغا او قريب البلوغ
ج – ان يكون عاقلا ً رشيدا طبيعي العمل و السيرة
نعم ضمان غير البالغ غير ملزم فان ضمن وسلم الحق نفذ و الا فلا ضير عليه
[حكم - 127] إذا كان المجنون أدوا ربا مضمن في دور عقله كما يجب عليه الصلاة و العبادات الأخرى في حال تعقله فاذا كثر حالة يقضته و عقله بحيث صار الجنون شاذا
فضمانه معتمد و صحيح وأما أذا شذ عقله و كثر جنونه بحيث لا يعتمد فهو غير صحيح شرعا ً
د – ان يكون مختارا ً فلا يصح ضمان المقهور و المجبور و المكره
هــ - ان لا يكون محجوراً عليه لسفه او فلس لمنع من التصرف بماله
[حكم - 128] أذا أذن الولي للسفيه صح ضمانه و أذن الطلابة للمحجور عليه المفلس أذن له الطلابة جازان يضمن حيث يكون مديونا ً أكثر من دينه ولكن المضمونله لا يشار كهم بالدين الجديد
وأما المضمون له فالحجر لا يمنع من الضمان له لأنه نفع له و أما المنع بدعوى ان المحجور يمنع من تحريك ماله و المضمون له انه يحرك حقه من المديون الى انضامن
وفيه أولا ليس هو المحرك و ثانيا اذا آمن على الدين من بقائه على ذمة الضامن فالنقل اولى مع ان المانع لم يستند الى حجة شرعية
[حكم - 129] لا بأس ان يكون المضمون عنه صغيراً او سفيها لان الضامن اشد أمانا على المال من الصغير و السفيه و حتى لو لم يضمن ديون الصغير او السفيه أحد فأنها لا اعتماد عليها و أنما يلزم على وليها تعهد إرجاع حقوق الناس عنهما
[حكم - 130] اشترط بعضهم الضمان على التنجيز فيبطل ان يقول إنا ضامن لما على فلان اذا اذن لي ابي او انا ضامن ان لم يوفي لك المدين الى زمان كذا قالوا انه باطل على المشهور لكن الظاهر ان ضمان الضامن مطلقا ً و بدون ارتباط بالأبوين او غيرهما او بدون ان يعرف ان المدين لم يوف ان هذا من السفه و التسرع بدون مبرر
وكيف كان كما يجوز تعليق الوفاء انه يجوز تعليق الضمان على شرط او قيد او على زمن مستقبل
[حكم - 131] قلنا بعدم شرطية ثبوت دين سابق في الذمة فيجوز ضمان دين مستقبل كقوله اقرض فلانا وأنا ضامن له او خوف من خديعة و غشى في صناعة مستقبلية كما قلنا في العقد مع بعض الشركات الصناعية العظيمة ويمكن ان يعلل بان الضمان فعلا ً مجرد وعد وليس بشيء و الوعد غير ممنوع شرعا ً فاذا أخذت الشركة المال فعل الوعد فعلته و ابتداء العمل بالضمان شرعا ً حتى اذا أدت الشركة العمل كاملا ً سقط الضمان وإذا قصرت عوضه الضامن
[حكم - 132] لا مانع بان يكون الضامن مقروض للمضمون عنه فيكون الضامن حوالة كما سيأتي في تعريفها و هو تحويل الحق الذي على المدين الى ذمة غريمة بمثل الدين الذي عليه بل يصح ان يكون الضامن كافلاً بان يعاهد يحضر المضمون او مكفول بان الضامن مطلوب يراد إحضاره فيشرطيه بعض العلماء بان يكون ليس محالا ً عليه و لا مكفول و لا كافل لا وجه لها فإنها معاملات أخرى وجدت او فقدت لا ضر بالضمان
و – من الشرط: امتياز مقدار الدين و المضمون عنه و المضمون له
[حكم - 133] اذا كان الضامن من يقصد عدم الضمان ألا عن مخصوص من الناس فاذا علم بالمضمون عنه من غيره من يجب و كذا المضمون و كذا الضمان انه يضمن مقدارا ً معينا ً فاذا عرف بأنه أكثر فلا يضمن ففي مثل هذا يلزم ان يبين
وأما الذي لا يتأثر و غيرهم به فلا يلزم تحديده و يصبح فهذا الشرط مخصوص بحسب نفسه الضامن وهذه الأحاديث تثبت صحة الضمان مع عدم معرفة المضمون له و لا مقدار الدين وحتى عدممعرفة المضمون عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله(ع) في رجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء؟
فقال اذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت)(2)
وعن ابن مخارق عن الصادق(ع) عن آبائه (ع) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من ضمن راضية حاجة لم ينظر الله عز وجل في حاجته حتى يقضيها)(3)
وعن فضيلة وعبيدة عن ابي عبد الله(ع) قال: (لما حضر محمد بن أسامة الموت دخل عليه بنو هاشم فقال لهم قد عرفتم قرابتي و منزلتي منكم وعلي دين فأحب ان تفضوه عني فقال علي بن الحسين(ع) ثلث دينك علي ثم سكت وسكتوا فقال علي بن الحسين(ع) علي دينك كله ثم قال علي بن الحسين(ع) أما انه لم يمنعني ان ضمنهه أولا الا كراهة ان تقولوا سبقنا)(4)
وظاهرة ان علي زين العابدين كان لم يعرف المضمون لهم و لم يسأل عنهم
[حكم - 134] قالوا لا يصح ضمان الدين المردد و المبهم فلا يصح ضمان احد الدينين لشخص او أكثر على شخص او أكثر بمقدار غير معين و لا دليل لهم وأطلاق الروايات الأنفة الذكر شاهدة عليهم
فيصبح مع الإبهام و الترديد بمقدار معين او غير معين لشخصين غير معين على شخص غير معين فاذا كان الضامن غني و استعد بأداء أي مقدار يثبت على فلان لأي احد من الناس نعم اذا اشترط الضامن معرفة شيء من ذلك لزم التعيين كما قلنا فما الإشكال؟
[حكم - 135] مما سبق وهو عدم لزوم معرفة مقدار الدين وعدم كونه ماضيا ً يصح ان يقول الضامن للتاجر كلما اشتري منك فلان فعلي ثمنه ما دمت ودام حيا و كلما صرفت على هؤلاء الايتام حتى يتزوجوا و شيتفلوا و يستغنوا فهو علي و انا له ضامن و كما حرفتعلى المركز الإسلامي الفلاني من حوائجه فهو عليومنع العروة لذلك بدعوى الإجماع على المنعوعدم صدق الضمان وأنه ضمان ما لم يجب
جوابه: ان المسألة لم يتطرق اليها كثير من الباحثين ومن بحثوا اذا اجمعوا فلا يصدق الاجماع و يسند على ما لم نره و الصدق و عدمه تابع للدليل و أطلاق النص يثبت الصدق ولم يظهر منا لا دلة شرطية

ان الضمان بما وجب و عدمه لما يجب وان ظهر ذلك لبعضهم فهو ظهور بدوي و بأي دليل تخصص صحة الضمان بما وجب على المضمون عنه مع ان ضمان المتورط بقرض غير المبالي مساوق لخوفه من التورط بغير المبالي
[حكم - 136] الضامن ان ضمن بأذن او بأمر المضمون عنه فان أدى المضمون فيطلب ضامنا ًقبل التورط عنه دينه الظمآن ولا شيئ للضامن كما قيل وان أدى بإذن او بأمر رجع إلى المضمون عنه بما أداه
وان ضمن بلا أذن ولا امر المضمون عنه وأدى ما ضمنه فلا يجبر المضمون عنه الأداء إليه وان كان وافقا للازم لا يغرم الضامن كما في رواية حسين بن خالد قال قلت لأبي الحسن(ع) جعلت فداك قول الناس أيضا من غارم؟ قال فقال ليس على الضامن غرم الغرام على من أكل المال)(5)
[حكم - 137] ورد في الحديث النبوي (صلى الله عليه وآله وسلم)
العارية مؤداة و المنحة مردودة و الدين مقضى و الزعيم غارم)(6)
وهو حديث جامع و لكنه ضعيف و فيه أجمال
فالعارية يجب ان تؤديها الى صاحبها و المنحة هي العطية سواء كانت واجبة او غير واجبة و العطية غير المعوضة بثمن مثل الهرية و الهبة و قوله مردودة ان قصد مردودة على صاحبها فهو غير صحيح
وان قصد مردوده للمنوح فهو اللازم نعم مردود ثوابها على المانح المعطي و الدين يجب ان يقضى
والزعيم: يشمل الضامن فهو شرعا غير غارم و انما يغرم للمضمون له و انما يرجع المضمون عليه فهذا الحديث ضعيف و مجمل وان قاله الإمام(ع) فهو اعلم بما قال ما علينا الا التسليم لهم و السلام عليهم
[حكم - 138] هناك كلمات مبهمة كما قال في العروة (وأما اذا لم يكن كذلك كقولك ضمنت شيئا ً من دينك فلا يصح)(7)
و الإشكال فيه كما قالوا وفرقوا بين ما هو متعين واقعا ً فقد صححوه مثل ما عليك من دين فانا ضامن له
او ثلث ما عليك وما شابه
وأما قوله ضمنت شيئا من دينك او قليلا ً منه او كثيرا ً او اكثر او جزء ً او قسطا ً او بعضا ً
وغير ذلك فلم يعين شيئا لا ظاهر اً و لا واقعا ً
اقول لم ارد دليلا ً على التعرف و رأيت الروايات الكثيرة في ضمان المقدار المجهول ومنها ما مر آنفا ً
ثم ما الفرق بينهما و كلاهما مجهول و كلاهما سيتوضح عند الأداء و فرق بعضهم بين الضمان التبرعي فلا يعتبر المعلومية وبين الاذني فيعتبر استفادوا ذلك من روايات عديدة

قدتبرع الضامنون و لم يسألوا عن المقدار و قد مر بعضها(8)
أقول ان هذا عقد الإيجاببعدم اشتراط العلم بمقدار المضمون في التبرعي فأين عندكم عقد السلب في عدمه صحة المجهولة في الضمان الاذني او الامري
[حكم - 139] اذا أبهم الضامن كما قلنا أنفا إني اضمن شيئا ً من الدين او جزء او قسطا ً و غير ذلك من التعابير فان تعارف بين الناس لأداء مقدار من لفظ معين اتبع و الا الضامن مخير باداء مقدار و الباقي يبقى في ذمة المدين ومعلوم ان المتبرع به لا بد ان يكون مقدار معتدا ً به و مرضي للمضمون له
[حكم - 140] قال في العروة (وخالف بعضهم فاشترط العلم به لنفي الغرر و الضرر ورد بعدم العموم في الأول لاختصاصه بالبيع ا مطلق المعاوضات و بالإقدام في الثاني)(9)
أما البيع فقد روي في أدب التجار: نهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن البيع الغرر) 4
وأما الأقدار على الضرر
فانه ممنوع بالأحاديث المانعة من الضرر
وكيف كان فما ثبت التسامح فيهفي الأحاديث فلا وجه لفتح أبوابا لمنعه و الإكثار من المزاعم بما يبعد عن مصاديقها في الأحاديث
[حكم - 141] قالوا اذا تحقق الضمان الجامع الاشرائط الصحة انتقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن و تبرأ المضمون عنه بالإجماع و النصوص) هكذا في العروة و علق عليه في المذهب قائلا ً
(بضرره من الفقه ان لم تكن من المذهب) و قال (أما الأول) انتقال الحق (فهو قريب من ضروريات فقهنا فضلا عن الإجماع و هو مذهب جمع من فقهاء العامة أيضا... وأما الثاني) براءة ذمة المدين في الأحاديث (فهي من الفريقين أما من طرقنا ففي صحيح ابن سنان عن الصادق(ع) في الرجل يموت و عليه دين فيضمنه ضامن للغرماء فقال(ع) : (اذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت) و ما تقدم من خبر محمد بن أسامة و أما من طرقهم فخبر ابن سعيد الخدري و خبر جابر)(10)
أقول قد ذكرنا ضمان علي بن الحسين لدين محمد بن أسامة
وهذا الكلام في تبرئت المدين بدعوى الضروري و الإجماع و الإتيان بحديث مجمل غير مقبول أبدا ً فان المدين لا تبرأ ذمته نعم انه يؤخذ الضامن بالدين وقد مر عليك الحديث عن الحسين خالد قال قلت لابي الحسن(ع) جعلت فداك قول الناس: الضامن غارم؟ قال فقال ليس على الضامن غرم الغرم على من اكل المال)(11)
وأما الميت فبراءته من حيث انه ميت و ليس دليل على عدم وجوب البذل من تركته لدينه مع الاية تشمله (من وصية توصن بها او دين)(12)
نعم اذا ضمن الضامن بنية الهدية للمضمون عنه او صدقة علية و ما شابه فانا نبري ذمة المضمون عنه حينئذ
[حكم - 142] اذا ابرأ الدائن ذمة الضامن برأت ذمة المدين أيضا لكون البراءة كما تسقط المسبب تسقط السبب
و لا يرجع الضامن على المضمون عنه لعدم بذل شيء نعم اذا كان الإبراء كان هدية لخصوص الضامن فيرجع الى المضمون عنه بما ضمن و ان قد ابرء
ثم كذا اذا ابرا المضمون عنه فقد برأ الضامن
لان كذا إسقاط السبب إسقاط المسبب عنه
الا اذا مقصد بالإبراء مجرد عدم مراجعة للاطمئنان باداء الضامن

[حكم - 143] للضمان لا زم من طريق الضامن و المضمون عنه فلا يجوز الاستقالة الا باذن المضمون له و لا يجوز للمضمون له ان يفسخ الا اذا كان مغرورا ً بان ظن انه غني يستطيع فاء الدين فيتبين انه غير قادر الا بتلككؤ و ضرر او انه بخيل لا يعطي الا بقلع قلبه فانه يعطي و يمن و كانه يتصدق و يؤذي من يرد اليه حقه فان للمضمون له او عليه ان يبطل الضمان و يبدله بضامن اخر او يوفي المدين و لا يتأخر


(1)

(2)

(3)

(4)

(5)

(6)

(7)

(8)

(9)

(10)

(11)

(12)