البحث التاسع التقييد بالشرط

ولا بأس أن نوسع دائرة البحث فنقول أن عوامل جزم المضارع على قسمين فإنها إما تجزم فعلاً أو فعلين والثانية هي أدوات الشرط فالتي تجزم فعلاً هي أدوات الطلب مثل لام الطلب مثل ليقم زيد والآية [لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ] [لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا].
ولم ولما النافيتان وتقلبان المضارع إلى معنى الماضي والثاني ما تجزم فعلين وهي: 1 - إن الشرطية الفصل الأول فعل الشرط والثاني جواب الشرط كقوله تعالى: [إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ].
بدوا مجزوم بحذف النون لأنه فعل الشرط
ويحاسب مزوم بالسكون لأنه جواب الشرط
وتخفوه معطوف على فعل الشرط مجزوم يجزمه
وكذا: من: [مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ] ليعمل مجزوم بالسكون ويجز مجزوم بحذف حرف الألف المقصورة جواب لمن ومن لتعريف العاقل.
3 - وما نحو [وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ].
4 - ومهما مثل [وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ].
فتأت مجزوم لأنه فعل الشرط وجملة فما نحن جملة أسمية في محل الفعل المجزومة جواباً لمهما.
5 - أي: كقوله تعالى: [أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى] وهي للعاقل ولغير العاقل وتدعوا فعل الشط محزوم بحذف النون لأنه جمع مذكر سالم وجملة فله جواب شرط.
6 - وايان كقوله الشاعر:

أيان نومنك تأمن غيرنا وإذا

 

لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا



ففعل الشرط نومنك وجوابه تأمن وكلاهما مجزوم ساكن.
7 - وأينما: أصلها أين: وهي التي تجزم وما زائدة مثل أين تمل أمل.
8 - وإذ ما:: كذلك مثل:

وإنك إذ ما تأت ما أنت أمر

 

به تلف من أياه تأمر آتيا



9 - حيثما: كذلك الما زائدة كقول الشاعر:

حيثما تستقم يقدر لك

 

الله نجاحا في غابر الأزمان.



10 - أنّى بتشديد النون مع الفتح.
وكل التي تجزم فعلا واحداً أنها حروف والتي تجزم فعلين هي أسماء إلا أن وأنى.
11 - لو كما قال في الألفية: (لو حرف شرط في مضي ويقل ايلاؤها مستقبلاً لكن قبل) تستعمل مصدرية إذا صح موقع أن المفتوحة محلها كقولك (وددت لو قام زيد) بتأويل (قيام زيد).
وقال جماعة أن هذه الجملة مصدرية بغضمار أن وليس المصدر بحرف لو.
وثانياً: تستعمل شرطية ويليها غالباً الماضي أو مأولاً بالماضي ومعناها أنها حرف تدل على وقوع أمر لوقوع غيره وقيل منها حرف امتناع لامتناع أي أنها تشير على امتناع الوقوع فلو كان قد وقع لوقع المصاحب له وقال في الألفية:

وهي في الاختصاص بالفعل كان

 

لكن لو أن بها قد تقترن.



فلا تدخلان على الاسم وقد تدخل لو على إنَّ المشددة التوكيدية كالآية الكريمة: [لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ] ولو جاء بعدها فعل مضارع قلبت معناه إلى الماضي.
وجواب لو أما فعل ماضي أو مضارع منفي بلم وإذا كان مثبتا لزم اقترانه باللام والأمثلة لو قام زيد لم يقم عمرو
لو قام زيد لما قام عمرو لو قام زيد ليقوم عمرو
لو قام زيد لقام عمرو
12 - أما: بفتح الهمزة وهي حرف تفصيل وتقوم مقام أداة الشرط أو فعله وفسرها سيبويه (مهما يكن من شيء) مثل أما زيد فمنطلق أصلها مهما يكن من شيء فزيد منطلق) فنابت أما عن الجملة وأخرت الفا ولا يصح حذف هذه الفاء لأنها رابطة واقعة في جواب الشرط إلا لضرورة كقول الشاعر:

 

 

فأما القتال لا قتال لديكم

 

ولكن سيراً في عراض المواكب



أي فلا قتال
ويكثر حذفها في النثر إذا حذف القول المقدر وعليه خرجوا الآية [فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ].
13 - 14 - لولا ولوما: وفيهما مسائل.
1- أنهما يدلان على امتناع الشيء لوجود غيره.
2 - ويدخلان على المبتدأ دون غيره.
3 - ويحذف الخبر بعدهما وجوبا.
4 - ولا بد لهما من جواب.
5 - والجواب أن كان مثبتا قرن باللام غالبا فقل لولا زيد لأكرمتك ولوما زيد لجئت معك.
6 - ولو كان منفياً (بما) تركت اللام لو ما زيد ما جاء عمرو.
7 - وكذلك لو نفي بلم مثل ولو ما زيد لم يجن عمرو.
فزيد مبتدأ وخبره محذوف تقدير لولا زيد موجود.
8 - وقد يحذف جواب لولا لقرينة تدل عليه وعليه قوله تعالى: [وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ] تقديره لهلكتم.
9 - ومن غير الغالب قد يخلو الجواب المثبت من اللام نحو قول الشاعر.

لولا زهير جفاني كنت معتذرا

 

ولم أكن جانحاً للسلم أن جنحوا



فالجواب كنت مثبت ولم يصحب اللام.
10 - وقد يقصد بهما التحضيض وحينئذ تختص بالفعل: لولا ضربت زيداً. مثل هلا.
11 - وإن قصدت التحضيض (الحث) كان الفعل مستقبلاً كقوله تعالى [فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا].
فمعناه لينفر
إن الحرف (أن) الشرطية ليس للمتكلم يقين بوقوع الشرط في المستقبل ولذا كثر استعمالها فيما يندر وجوده ولزم أن يتلوها فعل المضارع للشك في وقوعه.
وإن كان يقين الوقوع استعمل (إذا) ولم يستعمل (إن) الإشاذا ولذا لا يقال إن طلعت الشمس أزرك لأن طلوع الشمس يقين ويقال (إذا طلعت..).

ويستعمل مع (إذا) الفعل الماضي لأنها تستعمل في كثير الوقوع ويقينه قال الله تعالى: [فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ] لأن مجيء الحسنة منه تعالى محققاً والنعم من الله كثيرة وال في تعريف الحسنة يشير إلى معرفة المعروف والإحسان من الله ونكرت السيئة لشذوذ الوقوع وتوقفه على فعل السيئات من غير الله.