الباب السابع الوصل والفصل

أما الوصل والفصل لغة فهو معلوم فهما الجمع والتفريق
واصطلاحا الوصل هو عطف الجملة على جملة وكلمة على كلمة حتى تشاركها في إعرابها وأحوالها
والفصل بالعكس بحيث تأتي الجملة منثورة تستأنف واحدة بعد الأخرى فمن الفصل قوله تعالى [وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ].
فجملة ادفع مفصولة عن ما قبلها ولو جاء بالواو وقال (وادفع) لكانت موصولة ومتعلقة بما قبلها معنى أعرابها.
أقول والظاهر أن (لا) سببت الفصل معنى فهو لم يقس الحسنة إلى السيئة وإنما قاس درجات الحسنة وقاس مراحل السيئات.
فكأنه قال فلا تستوي حسنة وحسنة أخرى وكذا لا تستوي سيئة مع سيئة أخرى وأما لو ترك (لا) كان القياس الحسنة إلى السيئة كقوله تعالى [أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ].
وبالجملة ففصل الحكم وهو (ادفع) أكثر بلاغة من العطف لأن منع العمل بالسيئة والدفع بالأحسن لا معنى له أن يقاس بفصلي السيئة والحسنة.
ومن الوصل الحسن [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ].
لأن إتباع الصادقين من قبيل التقوى فلا أن يحسن يعطف عليها.
ومن هذا يؤكد التعريف وهو ربط بين جملتين بالواو لصلة بينهما في اللفظ والمعنى أو لدفع اللبس.
والفصل ترك الربط بين الجملتين أما لأنهما متحدتان لا صلة بينهما في اللفظ والمعنى.
والعطف بالواو يفيد التشريك ولذلك خص الوصل به
وأما بقية حروف العطف ففيها معاني أخرى غير التشريك فلذلك لا تستعمل بالوصل
والوصل لا بد أن يكون بين الموصولين من معنى جامع.
كالموافقة بين يقرأ ويكتب وكالمضادة في نحو يضحك ويبكي.
وبقية الحروف.
كما يقول في الألفية:

فالفاء للترتيب باتصال

 

وثم للترتيب بانفصال


وكذا لا بد أن يكون بالوصل بين فصوله تناسق وتقارب بالمعنى فلا يصح الجمع بين الإنسان والبعير فلا يقال زيد ذهب والبعير جاء لعدم تناسب بين المسند إليه والآخر
كما لا يقال سعيد عالم وزيد قصير لعدم الجامع ولعدم القرب بين المسندين أي الصفتين.