البحث الخامس: في تقسيم الاستعارة في ذكر الطرفين

1 - التصريحية: (المصرحة) إذا ذكر لفظ المشبه به بمعنى مصرح فيها لفظ المشبه به.
2 - الكناية (المكنية) في قبال المصرحة وهي ما خفي فيها لفظ المشبه به وذكر لوازمه فقط ولم يذكر إلا المشبه.
3 - التحقيقية: اسم آخر للمصرحة قال الشاعر:

فأمطرت لؤلؤاًَ من نرجس وسقت  

ورداً وعضت على العناب بالبرد


النرجس نوع من الورد.
والعناب: حب يشبه الزيتون أو كالنبق ومنه أحمر حلو وغيره يستعمل غذاءً ودواءً.
والبرد بالفتحات هو حب الثلج النازلة مع المطر شبه به الأسنان التي بها العناب فقد استعار اللؤلؤ والنرجس والورد والعناب والبرد للمشبه وهي الدموع والعيون والخدود والأنامل والأسنان فالدموع لؤلؤ والعيون نرجس لأنه طيب الرائحة ويكون صغيراً كالبصلة الصغيرة ورقة يشبه ورق الكراث وله زهر مستدير أبيض أو أصفر معربة عن الفارسية والخدود ورد لحمرتها والأنامل كالعناب وقد عضت عليها من حزنها بأسنانها التي هي كالبرد.
4 - التخييلية: وهي التي ذكر فيها هي الاستعارة التي تصاحب المكنية ولازمة لها لا تفارقها فالتخييل قرينة استعارة الكناية وعليه لا تكون استعارة إلا تصريحية ومكنية وتخييلية كقول الشاعر:

وإذا المنية أنشبت أظفارها  

ألفيت كل تميمة لا تنفع



التميمة هي الحرز الذي يحمله الإنسان المعتقد به من الآيات والأدعية يشده على عضده أو يعلقه على رقبته كالقلادة
فقد شبه المنية بالسبع بجامع الاغتيال في كل واستعار السبع للمنية وحذفه ورمز إليه بقرينة ملازمة للسبع وهي الأظفار التي تنشب بالفريسة فالاستعارة مكنية تخييلية ثم.
عزز الوهم بتصوير المنية بالسبع فاخترع للمنية أظفاراً فأظفار هي القرينة المسماة استعارة تخيلية
لأن المستعار له لفظ الأظفار (وهو الأسد) صورة وهمية ليست حقيقية شبه بها المنية وكأنها حقيقية حيث نسب إليها الأظفار.
وحينئذ تكون للمشبه به (السبع) فردان أحدهما حقيقي غير مذكور والآخر أدعائي مسمى به المنية بقرينة الأظفار للمنية.
5 - فالاستعارة هي: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابه وهي إما تصريحية يذكر فيها لفظ المشبه به وإما مكنية يذكر فيها لوازم المشبه به ولم يصرح فيها اسمه قال الله تعالى [فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ].
فإنه شبه ما يغشى الإنسان عند الجوع والخوف من النحافة واصفرار اللون باللباس لإحاطته باللباس كما يحيط به الخوف ويشتمل عليه الجوع فاستعار اللباس لحالة الجوع والخوف.
وكنى عن الضرر والألم بالذوق بجامع المرارة في الطعم وتنفر النفس والألم عند الخوف والجوع كما هي عند ذوق المر الحقيقي والمقزز للنفس
فالآية فيها استعارة المكنية وقرينة المشبه به هو الذوق والإذاقة تخييلاً للمكنية والمشبه هنا النحافة والانكسار واصفرار اللون.
وشبه ما يغشى الإنسان من الضر عند الخوف باللباس بجامع مع الاشتمال وشبه حالة الإنسان عند الجوع والخوف بالطعم المر البشع بجامع الكراهة في الكل.
واستعير لفظ المشبه به الطعم المر
وحذف واستعير له لوازمه وهو الإذاقة على سبيل الاستعارة المكنية وإثبات الإذاقة تخييل.