كلمات علماء البلاغة:

1 - قال أحمد الهاشمي: بعد تعريف بلاغة المتكلم كما قلنا قال: وتلك غاية لن يصل إليها إلا من أحاط بأساليب العرب خبرا وعرف سنن تخاطبهم في مفاخراتهم ومنافراتهم ومديحهم وهجائهم وشكرهم واعتذارهم يلبس لكل حالة لبوسها ولكل مقام مقال.
2 - وقال قدامة البلاغة ثلاثة مذاهب: المساواة وهي مطابقة اللفظ المعنى لا زائداً ولا ناقصاً.
والإشارة وهي أن يكون اللفظ كاللمحة الدالة والتذييل وهو إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد ليظهر لمن لم يفهمه ويتأكد عنه من فهمه).
3 - وقيل لجعفر بن يحيى ما البيان؟ فقال أن اللفظ محيطاً بمعناك كاشفا عن مغزاك وتخرجه من الشركة ولا تستعين عليه بطول الفكرة ويكون سالماً من التكلف بعيداً من سوء الصنعة بريئاً من التعقيد غنياً من التأمل)(1).
4 - وقال الفضل قلت لأعرابي ما البلاغة؟ قال الإيجاز في غير عجز والأطناب في غير خطل)
الخطل الكرام الكثير الفاسد.
5 - وسئل ابن المقفع ما البلاغة؟ فقال البلاغة اسم جامع لمعان تجرى في وجوه كثيرة فمنها ما يكون في السكوت ومنها ما يكون في الاستماع ومنها ما يكون في الإشارة ومنها ما يكون في الحديث ومنها ما يكون في الاحتجاج ومنها ما يكون جواباً ومنها ما يكون ابتداء ومنها ما يكون شعراً ومنها ما يكون سجعاً وخطباً ومنها ما يكون رسائل فعامة ما يكون من هذه الأبواب الوحي فيها والإشارة إلى المعنى والإيجاز هو البلاغة).
6 - (فأما الخطب) جمع خطبة (بين السماطين وفي الاصلاح ذات البين فالإكثار في غير خطل والإطالة في غير أملال ويكن في صدر كلامك دلل على حاجتك فقيل له فإن مل المستمع الإطالة التي ذكرت أنها حق ذلك الموقف؟ قال إذا أعطيت كل مقام حقه وقمت بالذي يجب سياسة ذلك المقام وأرضيت من يعرف حقوق الكلام فلا تهتم لما فاتك من رضا الحاسد والعدو فإنه لا يرضيهما شيء وأما الجاهل فلست منه وليس منك وقد كان يقال (رضاء الناس شيء لا ينال)(2).
7 - ولابن المعتز: أبلغ الكلام حسن إيجازه وقل مجازه وكثر إعجازه وتناسبت صدوره وإعجازه.
8 - وسمع خالد بن صفوان رجلاً يتكلم ويكثر الكلام: فقال أعلم رحمك الله أن البلاغة ليست بخفة اللسان وكثرة الهذيان ولكنها بإصابة المعنى والقصد إلى الحجة.
9 - قال بشر بن المعتمر: خذ من نفسك ساعة نشاطك وفراغ بالك وأجابتها إياك فإن قليل تلك الساعة أكرم جوهرا واشرف حسباً وأحسن في الاسماع وأحلى في الصدور وأسلم من فاحش الخطأ وأجلب لكل عين وغرة من لفظ شريف ومعنى بديع.
10 - وأعلم أن ذلك أجدى عليك مما يعطيك يومك الأطول بالكد والمطاولة والمجاهدة وبالتكلف والمعاودة.
وإياك والتوعر(3) فإن التوعر يسلمك إلى التعقيد والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك ويسيء ألفاظك ومن أراد معنى كريماً فليلتمس له لفظاً كريما....) للكلمة والكلام والفصاحة شرط في بلاغة الكلام والبلاغة هي وصف للكلام مع المعاني والبلاغة لا تكون وصفا للكلمة فكل كلام بليغ فصيح وليس كل فصيح بليغاً كالذي يقع فيه الاسهاب حين يجب الإيجاز.


(1) جواهر البلاغة 36 عن نهاية الأرب حزء 7/6.

(2) البيان والتبيين 1/91 - 92.

(3) التوعر مثل الطريق الوعر وهو الصعب معنى وصعوبة التلفظ.