فنون تغير الاسلوب الخطابي:

من نوع البلاغة أن تغير الأسلوب اللازم إلى اسلوب أخف منه أو أشد فتخاطب الطالب المقتنع كأنه منكر فيقول لك هل ترى أن أذهب معك فتقول لماذا لم تذهب معي وهل تنكر الخير الذي تصادفه معي...
فهذا الاستنكار تزيد فيه الهمة وزيادة الأقدام أو المنكر العنود تشكره على الرضا والاقتناع وما شابه فتخفف من وطأة غلوائه بالإنكار فهذا من فصول البلاغة والإبداع في الخطاب فرد ذلك على طرق ومراحل:
1 - منها تنزيل العالم بفائدة علمه أو بلازمه أو بهما معاً منزلة الجاهل كقولك لمن يؤذي جاره هذا جارك توبيخا له حتى عمل كعمل الجاهل بالجوار أو بلازم الجيرة وهي التعاون والاحترام المتبادل.
2 – ومنها تنزيل خالي الذهن الذي يلزم أن يبتدئه بالعلم منزلة السائل المتردد كقوله تعالى: [وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ] فالنبي نوح(ع) لم يتردد ولم يرتاب بخبر الله تعالى له بإهلاكهم ولكن توكيداً لحسم الموضوع على إهلاك الظالمين ليعتبر غيرهم بهم خاطبه الله وكأنه المتردد وكأنه كان يتشفع لهم لنجاتهم مع أنه عليه السلام كأن يدعو عليهم.
3 - تنزيل العارف منزلة المنكر والجاهل
كقول حجل بن نضلة من أقرباء شقيق وكانا متعاديان قال عنه

جاء شقيق عارضاً رمحه

 

إن بني عمك فيهم رماح



والذيل فيه تقدير وهو: قل له... وشقيق كان عارفا أن بني عمه فيهم مقاتلون ولهم رماح فخاطبه بكاف المخاطب بعد جملة الغيبة (جاء) تهكما به.
4 - ومنها تنزيل المتردد منزلة الخالي
كقولك للشاك المتردد في ولادة ولد (ولد الولد) مع أن حق مخاطبة المتردد التأكيد فاللازم أن يقول (إن الولد قد ولد).
5 - ومنها تنزيل المتردد منزلة المنكر كقولك للمنكر بحصول الفرج: إن الفرج قريب) وحقه أن تزيدها تأكيد.
6 - تنزيل المنكر منزلة الخالي
كقول اله تعالى: [وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ] وحقه التأكيدات العديدة والتطويل فإن إنكار الخالق من أقبح الإنكار وصاحبه أشد الأغبياء فيحتاج إلى تفصيل وتطويل حتى يفهم أي طرفية أطول.