البحث الأول: الأمر

1 - أعلم أن الطلب على ثلاثة مستويات: إما على نحو الاستعلاء يعني من العالي إلى الداني فهو أمر باصطلاح البلاغيين.
وأما من المساوي للمساوي فهو طلب ورجاء والتماس
وأما من الداني إلى العالي كالعبد يطلب من مولاه والعبد يطلب من الله تعالى فهو دعاء ثم الأمر أما أن يكون إلزامياً ويسمى واجباً وأما غير إلزامي ويقال له مستحباً وأما أن يكون إرشاد وهو التعليم كقول المدلي للضائع المتحير: اذهب من هنا لا من هنا فالأمر هو على نحو الاستعلاء.
وصيغ الأمر خمس: فعل الأمر: خذ وقم واجلس وبع واشتر وهكذا.
2 - المضارع المجزوم بلام الأمر مثل (لينفق ذو سعة من سعته)(1).
3 - واسم الفعل الأمري مثل (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)(2).
4 - والمصدر النائب عن فعل الأمر: نحو سعياً إلى رضوان الله.
5 - الجملة الخبرية بمعنى الأمر: مثل قول الشرع: أن المؤمن الحاج يجب أن يحرم ويطوف ويسعى ويستحب أن لا يؤخر صلاة الطواف بعده كثيراً ويكره أن يسرع بالمشي ويحرم أن يكشف العورة في الطواف والصلاة والسعي أو بدون لفظ الحكم فيقول الحاج يحرم ثم يطوف.
ويتبع الأمر إنشاءات أخرى تخرج عن الأمر الإلزامي ومنها:
1 - الدعاء كقوله: رب ادخلني مدخل الصدق وأخرجني مخرج الصدق.
2 - الالتماس وهو الطلب من المساوي: أيها الرجل أعطني الكتاب لو سمحت.
3 - التهديد: كقول الله تعالى: [وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ](3).
4 - التعجيز كقول الله تعالى: [فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ](4).
5 - الإباحة: مثل [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ](5).
6 - والتسوية نحو قوله تعالى: [فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا](6).
7 - الإكرام نحو قوله تعالى: [ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ](7).
8 - الامتنان نحو قوله تعالى: [فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ](8).
9 - الإهانة نحو قوله تعالى: [قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا](9).
10 - الاستقامة الدائمة: [اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ](10).
11 - التمني كقول امرئ القيس:

ألا أيها الليل الطويل ألا أنجلي

 

بصبح وما إلا صباح منك بأمثل


12 - والاعتبار: كقوله تعالى: [انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ](11).
13 - الأذن: كقولك لمن طرق الباب: ادخل.
14 - التكوين: كقوله تعالى: [كُنْ فَيَكُونُ].
15 - التخيير: اسكن بغداد أو كربلاء.
16 - التأديب: كل مما يليك.
17 - الترجي: عسى الأمر الذي ابتليت فيه فرج قريب يكون وراءه فرجا قريباً.

18 - التعجب: كقوله تعالى: [انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ](12).

(1) الطلاق 65/7.

(2) المائدة 5/105.

(3) هود 4 - 11/121.

(4) البقرة 23.

(5) البقرة 187.

(6) الطور 52/16.

(7) الحجر 15/46.

(8) النحل 16/14.

(9) الإسراء 17/50.

(10) الحمد 4.

(11) الأنعام 6/99.

(12) الإسراء 17/48.