أم المتصلة والمنفصلة

في معرض الشرح للهمزة الاستفهامية وصلنا إلى همزة التسوية حتى تكثر في الجملة الاستفهامية في حالة التعادل بين ثقلين كما مثلنا [أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ](1).
وتفصيل في المغني لابن هاشم وغيره من كتب النحو فأم تكون أما متصلة بمعنى أن ما قبلها وما بعدها لا يستغني أحدهما عن الآخر وتسمى معادلة لمعادلتها للهمزة في إفادة التسوية وأما غير المتصلة.
وتقابل المتصلة: أم المنقطعة يعني يستغني ما بعدها عن ما قبلها ويعطي المعنى بدون الرجوع إليه مثل (أم هل تستوي الظلمات).
فتابع التفصيل.
أن أم المتصلة في نوعين: إما أن تتقدم عليها همزة التسوية نحو: [سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ](2).
ومثل [سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ](3).
والنوع الثاني: يتقدم عليها همزة يطلب بها وبأم التعيين مثل: أزيد في الدار أم عمر.
وتفترق همزة التسوية عن التعيين في وجهين لأن همزة التسوية لا تستحق جواباً لأنها في الحقيقة ليست للاستفهام وإنما تحتمل الصدق والكذب فإنها من نوع الخبر وهمزة التعيين تستحق جواباً والاستفهام فيها حقيقي كالآية الآنفة الذكر تريد جواباً إنه تستوي الظلمات والنور أو لا تستوي والثاني أن الواقعة بعد همزة التسوية تقع في جملتين في تأويل مفردين وتكونا فعليتين أو اسميتين أو مختلفتين: فالفعليتين [أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ] واسميتين: كقول الشاعر:


ولست أبالي بعد فقدي مالكا

 

أموتي ناء أم هو الآن واقع.



ومختلفتين كقوله تعالى: [سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ](4).
وأما أم للتعيين فتقع بين مفردين غالباً.
مثل [أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا](5).
وتقع بين جملتين غير مؤولتين بمفرد وتكونان فعليتين كقوله: (فقمت للطيف مرتاعا فارقني فقلت أهي سرت أما عادني حلم) على القول أن (هي) فاعل لفعل محذوف يفسره سرت واسميتين كقوله (لعمرك ما أدري وإن كنت دارياً شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر أصلها (أشعيث).
ومختلفتين: مثل [أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ](6).
على القول بأن (أنتم) فاعل.


(1) المنافقون: 63/6.

(2) المنافقون: 63/6.

(3) إبراهيم 4 - 14/21.

(4) الأعراف 7/193.

(5) النازعات 79/27.

(6) الواقعة 56/59.