مقدمة بيانية

إن هذا العلم؛ (علم البلاغة والبيان والبديع)؛ حين يشرع الطالب لطلبه لا يصح ولا ينجح فيه حتى يتقن من قبله علم النحو والصرف واللغة بحيث يعرف معاني الألفاظ العربية وإن جهل كلمة يعرف إن يستخرجها من المعاجم.
ويعرف الإعراب للجمل العربية بحيث لا يخفىى عليه التركيبات والمقاصد في الكلام والكلمات العربية، ويحسن أن يكون عارفاً بقواعد تجويد القرآن فإنه مما يدفع التنافر في التعبير بالوصل والفصل كما ويحسن أن يكون قد فهم تفسير القرآن الكريم والحديث الشريف وقد فهم نكتاً كثيرة فيهما من البلاغة وسحر البديع ومعجزة التركيب واللفتات الذكية والتنقلات الباهرة من الغيبة إلى الحضور وبالعكس ومن المفرد إلى الجمع وبالعكس ومن التبشير إلى التحذير يسر أناساً ويقهر آخرين ليعطي كل ذي حق حقه، وينصب لكل ذي ناصب نصابه وذلك لا يكون إلا إذا كان من قراء القرآن في المجالس والمحافل وكذلك في الخلوات ويدقق فيه ويحفظ كثيراً منه ومن الحديث الشريف فيتكامل ثقافة وأدباً لينتهج الطالب الأريب ذاك الأسلوب وتينك الإرهاصات في كتابه وخطابه ويسحر السامع ويبهر الناظر [وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ](1) [وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ](2)
وهكذا ينفض الجمع من خطاب هذا الخطيب ومن شعر هذا الأديب ويتخرج للناس كاتباً أديبا ًومصقعا ًرحيباً وشاعرا لبيباً وخطيباً سامياً ومثقفاً حامياً.


(1) الزمر 39/69.

(2) هود 4 - 11/44.