البحث السادس تأخير المسند إليه:

معلوم أن التأخير خلاف طبيعة الكلام اللازم والبليغ إلا بأسباب المحسنة منها:
1 - التخصيص والتعظيم مثل [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] ومثل [بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ] فإن الله المعبود لا ينبغي عبادة غيره.
2 - لتوحيد أواخر الكالم والرون وجمال الآية:
كقوله تعالى: [وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ]. [وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ]. فقدم قدم يومئذ وهي من الاتباع على المسند وقدم إلى ربها وهي اتباع على ناظرة وهي مسند وحذف المسند إليه من الجملة الثانية وهو (وجوه) كل ذلك لجمال ذيل الآية وليباري ويساوي صدرها وزنا وسجعا وقافية فهو شعر وليس بشعر.
3 - لمعرفة المفعول وتمييزه عن مشتبه به.
كقولك محمداً هو المضروب وهو الذي جاؤا به وحبسوه وليس زيد فالتقدير هكذا ضرب المعتدي محمداً فمحمد مفعول وحقه التأخير وقد قدم لاحتمال أن غيره هو المظلوم والمعتدى عليه.
4 - المحافظة على الوزن في الشعر مثل لسان الفتى نصف ونصف فؤاده.
قدم النصف الثاني وهو مسند على فؤاده وهو مسند إليه.
5 - للتعميه والأحجيه كقول الفرزق رح

إلى ملك ما أمه من محارب

 

أبوه ولا كانت عليب تصاهره.



وحسب ما أفهم هكذا الجملة: أن الأولى طبيعيه: ملك أمه ليست من (عشيرة) محارب
ولا أبوه من محارب ولا كليب) عشيرة معظمة أخرى (تصاهر أبيه فقدم من محارب وهو خبر على (أبوه) وهو مبتدأ وكتب (أبوه) مرفوعاً لأنه مبتدأ للجملة الثانية المعطوفة على أمه والمنفي الثاني عن قوم محارب وهذا وقد فسر الجملة ورتبها في حاشية جواهر البلاغة بغير ما شرحه في ص 139.