فصل في الذمام أي الامان للمستجير

[حكم -46] من محاسن اخلاق الاسلام ان المشرك ان استجار بمسلم ولا خوف منه على الاسلام والمسلمين استحب وقد يجب على المسلم ان يجيره حتى يبلغه مأمنه كما في الآية [وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ] (1)
وعن أمير المؤمنين(ع) قال ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((ذمة المسلمين واحدة يسعى بها ادناهم))(2) وعنه(ع): ((من أئتمن رجلاً على دمه ثم خاس به فاني من القاتل بريء وان كان المقتول من أهل النار)) وعنه انه قال خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجد الخيف فقال: ((رحم الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ويبلغها الى من لم يسمعها فرب حامل فقه وليس بفقيه ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه لا يفل عليهن قلب امرء مسلم إخلاص العمل لله والنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم فان دعوتهم محيطة من ورائهم والمسلمون اخوة تكافئ دماؤهم يسعى بذمتهم ادناهم فإذا أمن أحد من المسلمين أحداً من المشركين لم يخيّب ان يخفر ذمته))(3).
وعنه ((اذا أوصى أحد من المسلمين الى أحد من أهل الحرب فهو امان))(4)
[حكم -47] كل مسلم سواء كان مؤمناً أو فاسقاً امرأة أو رجلاً له ان يؤمن كافرا حربيا أو غير حربي بشرط ان لا يكون جاسوساً وراصداً للمؤمنين وملحقاً لهم بالاذى وبشرط ان يكون المؤمن بالغاً عاقلاً مختاراً.
ويجوز للمؤمن ان يذم جماعة من الكفار قلّت او كثرت بهذا الشرط.
ففي خبر مسعدة بن صدقة ان علياً(ع): ((اجاز امان عبد مملوك لأهل حصن من الحصون وقال(ع): هو من المؤمنين))(5)
[حكم -48] يجب تأمين الكافر الداخل بشبهة الامان
لخبر محمد بن حكم ((لو ان قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان فقالوا لا فظنوا انهم قالوا نعم فنزلوا اليهم كانوا آمنين))(6).
ويقع الأمان باللفظ أو بالكتابة أو بالاشارة والايماء.
[حكم -49] الامان قبل الاسر الا اذا اقتضت المصلحة للامان بعد الاسر
 كما انه يجوز طلب المسلم من الكافر اجرة لتأمينه اذا لم يسبب استشراء الامر بان يكون يد للكفار على بلاد المسلمين باللجوء جماعات كثيرة لتخريب وافساد المسلمين وارشاء من يرشون منهم.
[حكم -50] إنّ الامان قضية فردية بحسب الظاهر ولم تصل لمثل المعاهدات الدولية فلا يصح لشخص او جماعة ان يذموا (يومنوا) لمليون نفر ولا لألف ولا لمئة،
وما سبق من الرواية ان الإمام أمير المؤمنين(ع) اجاز العبد لتأمين حصن من الحصون فالظاهر انه اذا زاد كان خمسين انسان.
مع انه باشراف واجازة المعصوم(ع)،
فتأمين مسلم لخمسين نفر بدون اشراف معصوم واجازة خاصة منه لا يخلو من اشكال.
وان سكتنا واجزنا فلا نجيز أكثر من ذلك ونبقى نشترك ان لا تكون حالة مسببة لتكثير الكفرة في بلاد المسلمين ولعلهم يؤثرون بأخلاقهم وسلوكهم وازيائهم على فتيان وفتيات المؤمنين وهذا هو الحرام القطعي.
اذ يبقى مقصود هذه الشعيرة ان يسمع كلام الله لعله يسلم ويتأثر بالاسلام لا ان يتكاثر ويؤثر ويشيع الكفر والفساد.
[حكم -51] المقدار المتيقن من الآية والاحاديث ان الأمان حالة مؤقتة وليس أماناً ومؤبداً للتوطّن، وانما هو انسان قد مر ببلاد المسلمين لامر من الامور فأمَّنه بعضهم بمقدار مروره.
فلذا لو مات من له الامان فلا يؤخذ ماله وإنما يرد على أهله لو كان لهم نظام التورث فانه ان اخذنا ماله فسيشنعون علينا بانه مر على المسلمين ومات فسرقوا ماله وليس هو كالاسير نتملك منه ما نشاء.


(1) التوبة 9/6.

(2) مستدرك الوسائل ب18 ح4.

(3) مستدرك الوسائل ب18 ح5 جهاد العدو.

(4) مستدرك الوسائل ب18 ح9 جهاد العدو.

(5)الوسائل ب20 ح1 جهاد العدو

(6)الوسائل ب20 ح6 جهاد العدو