الصلاة

(ق) الصلاة: (الصلاة عمود الدين) (إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها) حديث شريف.

تقديم:

1(ق): أجلى مظاهر العبودية الصادقة وأعظم رمز للارتباط الاجتماعي ووحدة القلوب تحت لواء الطاعة المقدسة من ثم التالف والتعارف والتراحم والتعاطف الفردي والعائلي ثم الاجتماعي والدولي والعالمي مما يسعد البشرية ويؤمن شعباً من شعب وحاكماً من آخر كل ذلك بالتوجُّه لقبلة واحدة بإطاعة نبي وأولياء وعبادة رب واحد وقراءة واحدة (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) صدق الله العلي العظيم.

ولا تجد انتشار المعاصي والظلم والجور وإشاعة الفساد إلا في مجتمع ليس له صلاة كما هي حالة الدول الغربية والشعوب المتحضرة إنهم يتسافدون على بعضهم كالقردود وينزون على أعراض بعضهم كالحمر ولم يرتبط أب بابنه ولا ابن بأبيه ولا بنت بعائلتها ووليها ولذا ترى حين يموت الأب مثلاً يتشاجر أولاده على ثمن بيع جثته حتى لو ترك لهم ملك قارون.

فالارتباطات بينهم مصلحية مادية بحتة وليست قلبية وعاطفية ولا منهجية روحية.

وحتى الشعوب الشرقية غير المتحضرة حيث الارتباط بينهم ودفاع بعضهم عن بعض إذا لم يكونوا متدينين وللمولى ليسوا عابدين وللصلاة غير ممارسين فإن دفاعهم عن بعضهم لن يكن بربط روحي وعلى أساس إنساني شريف وإنما بروح جاهلية وتعصب عشائري ضيق وقومية مقيتة ولذا ترى شعباً يتناصر لنفسه وغيره على آخرين ليس لحق وإنما للعنصرية العفنة والقومية، وبهذه الروح اشترى الاستعمار شعوباً مسلمة جاهلية لمحاربة شعوب مسلمة أخرى والتفتيت في عضد المسلمين، كما تناصرت حكومات وشعوب عربية تسمي نفسها بالمسلمة مع صدام المجرم ضد الشعب الإيراني المسلم وسببت هلاك الشعبين المسلمين الإيراني والعراقي ضحية قومية جاهلية وتعصبات شيطانية شرسة.

وبهذا الصدد ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله): (لا يزال الشيطان ذعراً من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس لوقتهن فإذا ضيعهن تجرأ عليه فأدخله في العظام)(88).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله): (لكل شيء وجه ووجه دينكم الصلاة فلا يشينن أحدكم وجه دينه ولكل شيء أنف وأنف الصلاة التكبير)(89).

وورد في الاستخفاف في الصلاة أيضاً عن أبي عبد الله (عليه السلام): (والله إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قبل الله منه صلاة واحدة فأي شيء أشدّ من هذا والله إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها إن الله لا يقبل ما يستخف به)(90).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا قام العبد المؤمن في صلاته نظر الله عزوجل إليه، وأظلته الرحمة من فوق رأسه إلى أفق السماء والملائكة تحفه من حوله إلى أفق السماء ووكل الله به ملكاً قائماً على رأسه يقول له أيها المصلي لو تعلم من ينظر إليك ومن تناجي ما التفت ولا زلت من موضعك أبداً)(91).

2(ق): ورد في الآية الكريمة:

(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ *)(92).

فأول جريمة استحقوا عليها العذاب في وادي سقر في النار وحرموا الشفاعة هو ترك الصلاة نستجير بالله تعالى بل زد على هذا ما قدمناه من أن هجمة الشيطان على الإنسان وجرأة الإنسان على المعاصي إنما هو بعد ترك الصلاة.

3(ق): إن تارك الصلاة هو كافر بنعمة الله وورد بهذا الصدد أيضاً الحديث عن مسعدة بن صدقة قال: (سئل أبو عبد الله (عليه السلام) ما بال الزاني لا تسميه كافراً وتارك الصلاة تسميه كافراً وما الحجة في ذلك؟! فقال: لأن الزاني وما أشبه إنما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافاً بها وذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلا وهو مستلذّ بها وكل من ترك الصلاة قاصداً لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر)(93).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: لا تدع الصلاة متعمداً فإن من تركها متعمداً فقد برأت منه ذمة الإسلام).

وعن الرضا (عليه السلام): (الصلاة قربان كل تقي)، عن الصادق (عليه السلام): (إياكم والكسل إن ربكم رحيم يشكر القليل إن الرجل ليصلي الركعتين تطوعاً يريد بهما وجه الله فيدخله الله بهما الجنة)(94).