خلاصة حدود الصلاة: آداب ومستحبات

85(ق): قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من صلى الصلوات المفروضات في أول وقتها وأقام حدودها رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقية وهي تهتف به تقول حفظك الله كما حفظتني واستودعك الله كما استودعتني ملكاً كريماً ومن صلاها بعد وقتها من غير علة ولم يقم حدودها رفعها الملك سوداء مظلمة وهي تهتف به ضيعتني ضيعك الله كما ضيعتني ولا رعاك الله كما لم ترعني ثم قال الإمام (عليه السلام) إن أول ما يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله عزوجل عن الصلوات المفروضات وعن الزكاة المفروضة وعن الصيام المفروض وعن الحج المفروض وعن ولايتنا أهل البيت)(97).

86(ق): إن الصلاة هي عمود الدين الإسلامي وعزيزة عند الله تعالى وأعظم ركن في الإسلام فلا يمكن أن تؤدى وتقبل بحركات قشرية معينة وإنما تؤدى بالتوجه التام والخشوع والهمة العالية والاعتبار بها وذلك بالتأثر العملي بوفقها ففي الحديث عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (للمصلي ثلاث خصال إذا هو قام في صلاته حف به الملائكة من قدميه إلى عنان السماء ويتناثر البر عليه من عنان السماء إلى مفرق رأسه وملك موكل به ينادي لو يعلم المصلي من ينادي ما انفتل)(98).

87(ق): ومن آداب الصلاة ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا صليت صلاة فريضة فصلها لوقتها صلاة مودِّع تخاف أن لا تعود عليها أبداً ثم أصرف بصرك إلى موضع سجودك فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لأحسنت صلاتك وأعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه)(99)، وعن النبي (صلى الله عليه وآله): (من اسبغ وضوءه وأحسن صلاته وأدى زكاة ماله وكف غضبه وسجن لسانه واستغفر لذنبه وأدى النصيحة لأهل بيت نبيه فقد استكمل حقيقة الإيمان وأبواب الجنة مفتحة له)(100)، وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (ابصر علي بن أبي طالب (عليه السلام) رجلاً ينقر صلاته فقال: مثلك عند الله مثل الغراب إذا نقر لومت مت على غير ملة أبي القاسم محمد ثم قال علي(عليه السلام): إن أسرق الناس من سرق من صلاته)(101).

88(ق): وعلى المصلي الالتزام بهذه الآداب:

1- ملازمة الورع وكثرة العبادة ففي حديث الإمام الصادق (عليه السلام) شيعتنا هم أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة وأصحاب الإحدى والخمسين ركعة في اليوم والليلة القائمون بالليل الصائمون بالنهار يزكون أموالهم ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم)(102).

2- والإقبال التام في تمام الصلاة فعن الإمام الباقر (عليه السلام): (إن العبد ليرفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها فما يرفع له إلا ما أقبل عليه منها بقلبه وإنما أمرنا بالنافلة ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة)(103).

حرمة الاستهانة:

89(ق): يحرم الاستهانة بالصلاة فقد ورد الذم الشديد للاستهانة بالصلاة فعن حماد بن عيسى قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) يوماً: (تحسن أن تصلي يا حماد؟) قال: قلت: يا سيدي أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة قال: فقال (عليه السلام): (لا عليك قم صل) قال: فقمت بين يديه متوجهاً إلى القبلة فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت فقال (عليه السلام): (يا حماد لا تحسن أن تصلي ما أقبح الرجل منكم أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة؟!).

قال حماد: فأصابني في نفسي الذل فقلت: جعلت فداك فعلمني الصلاة، فقام أبو عبد الله (عليه السلام) مستقبل القبلة منتصباً فأرسل يديه جميعاً على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات واستقبل بأصابع رجليه لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة فقال: (الله أكبر) ثم قرأ الحمد بترتيل وقل هو الله أحد ثم صبر هنيئة بقدر ما تنفس وهو قائم ثم قال: (الله أكبر)وهو قائم ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات وردَّ ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره ونصب عنقه وغمض عينيه ثم سبح ثلاثاً بترتيل وقال: (سبحان ربي العظيم وبحمده) ثم استوى قائماً فلما استمكن من القيام قال: (سمع الله لمن حمده) ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه وسجد ووضع يديه إلى الأرض قبل ركبتيه وقال: (سبحان ربي الأعلى وبحمده) على ثمانية أعظم: الجبهة والكفين وعيني الركبتين وأنامل إبهامي الرجلين والأنف فهذه السبعة فرض ووضع الأنف على الأرض سنة وهو الإرغام ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالساً قال: (استغفر الله ربي وأتوب إليه) ثم كبر وهو جالس وسجد الثانية وقال كما قال في الأولى ولم يستعن بشيء من بدنه على شيء منه في ركوع ولا سجود وكان مجنحاً ولم يضع ذراعيه على الأرض فصلى ركعتين على هذا ثم قال: (يا حماد هكذا صل ولا تلتفت ولا تعبث بيديك وأصابعك ولا ترق عن يمينك ولا عن يسارك ولا بين يديك) المستحبات في الصلاة من الوسائل.

90(ق): من المستحبات في الصلاة: التكبير:

التكبيرات المستحبة في الفرائض اليومية وهي 207 تكبيرة منها تكبيرة الإحرام 35 خمس واجبة والباقية مستحبة ومنها صلاة الصبح 6 في الآذان + 4 في الإقامة + 7 في الصلاة بما فيها تكبيرة الإحرام + واحدة قبل الركوع وواحدة بعده وواحدة قبل الهوي للسجود وواحدة بعد السجدة الأولى وواحدة قبل السجدة الثانية وواحدة بعدها فهذه 23 تكبيرة + 7 تكبيرات للركعة الثانية بزيادة تكبيرة للقنوت + 3 بعد التسليم = 33 تكبيرة، وللمغرب 39 بزيادة ستة للركعة الثانية وللرباعية 45 بزيادة ستة للركعة الرابعة والرباعيات 3 = 135 تكبيرة وإذا جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء سقط الآذان من العصر والعشاء على قول فتنقص التكبيرات 12.

91(ق): ومن المستحبات الاستعاذة قبل القراءة في كل ركعة قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)(104) وهي مستحبة قبل السورتين لا قبل كل سورة وقد خص الاستحباب في الركعة الأولى.

5- الصلاة على محمد وآله (صلى الله عليه وآله)

92(ق): من المستحبات الأكيدة:

الصلاة على محمد وآله وهي مستحبة عند ذكر النبي محمد (صلى الله عليه وآله) أي في الآذان والإقامة وعند كل دعاء لأنها من مهماته بل في أول كل دعاء وفي آخر الركوع والسجود ومجموعها في الفرائض اليومية في الآذان والأقامة + في القنوت + 6 في الركوعين ولأربع سجدات + 1 في التشهد واجب +1 في التعقيب فهذه: 11 صلاة في صلاة الصبح و15 في صلاة المغرب بزيادة ركوع الرابعة وسجدتيهما وتشهدها وهي ظهر وعصر وعشاء = 54 والمجموع 80 صلاة على محمد وآله في الفرائض اليومية كما أنه يستحب إعادة الصلاة على محمد وآله في آخر الأدعية أيضاً في القنوتات والتعقيبات فالمجموع يكون 90 صلاة على محمد وآله (صلى الله عليه وآله).

6- الأدعية في أثناء الصلاة منها أن يقول عند قوله قد قامت اللهم أقمها وأدمها واجعلني من صالحي أهلها أو في القراءة إذا وردت آية عذاب تعوذ بالله وآية رحمة ونعيم سأل الله ذلك وبعد التوحيد يكرر قوله: كذلك الله ربي وبعد الكافرون يقول ديني الحق وبعد التين يقول: بلى وبعد قوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول لا بشيء من آلائك ربي أكذب.

وهكذا ويقصد بـ(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) القرآن والدعاء والصدق مع الله بأنه يعبده.

7- أن يحدد نظرة ففي القيام ينظر في موضع سجوده وفي القنوت ينظر بخشوع وقلة نظر في كفيه وفي الركوع ينظر بين قدميه، وكأنه ينظر ملكوت السموات والأرض وفي السجود ينظر أرنبة أنفه وفي الجلوس ينظر في حجرة كل ذلك بخشوع واستكانة.

8- أن يحدد كفيه ففي القيام يمدهما حيال ركبتيه وفي الركوع يملأ بهما ركبتيه وفي السجود يبسطهما على الأرض بجهة القبلة بجنب وجهه وفي القنوت باطنها إلى السماء، وفي بعض التعقيبات مثل دعاء رجب (يا من أرجوه لكل خيره) في آخره يلوذ بأصبعه وفي دعاء العهد يضرب بهما فخذيه ثلاث مرات منادياً العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان وفي الجلوس يضم أصابعه ويبسطها على فخذيه متوجهاً بهما إلى القبلة، وفي التكبير يرفعهما وباطنهما إلى القبلة حيال نحره كما قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) أو حيال أذنيه بادئاً بالرفع بالتكبير ومنتهياً بالوضع بانتهائه أو يرفع ثم ينوي ثم يكبر واضعاً يديه.

9- وأن يقوم عنقه في حال القيام والركوع والسجود والجلوس ولا يلويه ولا يدير وجهه.

10- وأن يساوي بين قدميه في الوقوف وبوجههما إلى القبلة ويجلس عليهما سوية أو يحرفهما فيجلس على إليته ويجعل ظهر قدمه اليمنى في باطن اليسرى في يمينه وهي جلسة التورك.

11- والصوت: بتحسينه وعدم الإفراط برفعه كثيراً إلى حد الصياح المتعب ولا الإخفاء إلى حد عدم فرز الحروف عن بعضها واللازم في موضع الجهر كما قلنا أن يسمع من بقربه والإخفات أن يسمع نفسه أو من بقرب أذنه.

12- والقنوت:

94(ق): ورد في الحديث: (من طال قنوته طالت راحته يوم القيامة).

وهو مستحب مؤكد في كل فريضة يومية قبل الركوع في الركعة الثانية بعد القراءة.

وإذا نسيه قنت بعد الركوع ثم يهوي للسجود وإن نسيه أيضاً قضاه بعد الصلاة استحباباً.

ويجزي فيه كل دعاء أو ذكر فيكفي قوله سبحان الله أو الله أكبر مرة أو ثلاثاً أو أكثر أو الصلاة على محمد وآل محمد وأفضله الأدعية الواردة عن المعصومين والقرآن الكريم مثل قوله تعالى: -(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(105).

أو دعاء الفرج وهو (لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين).

95(ق): يجوز في القنوت وغيره من الأذكار والأدعية المستحبة في الصلاة أن تكون بغير العربية أو بالعربية العامية.

تعقيب الصلاة: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ)(106).

96(ق): يستحب استحباباً مؤكداً تعقيب الصلاة الفريضة وغيرها بأدعية وأذكار واردة وغير واردة قال الله تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)(107)، فسر بالفراغ من الصلاة والنصب بالدعاء والتوسل والذكر.

1- وأقله وأشهره ثلاث تكبيرات مع رفع اليدين ووضعهما مع كل تكبيرة قالوا وفلسفتها أن يبقى الإنسان بعد الصلاة مع الله قائلاً قولاً وعملاً الله أكبر من الشيطان الله أكبر من الدنيا الله أكبر من النفس وأطماعها.

2- الأدعية الواردة لكل صلاة في مفاتيح الجنان وغيرها.

ومنها (اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة)، ومنها (اللهم إهدني من عندك وأفض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك وأنزل علي من بركاتك اللهم اعتقني من النار وأدخلني الجنة وزوجني من الحور العين برحمتك يا أرحم الراحمين).

ومنها (لا إله إلا الله إلهاً واحداً ونحن له مسلمون ولا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير).

ثم قل (استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) ومنها (اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك اللهم عرفني نبيك فإنك.. لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك.. ضللت عن ديني) ومن أهم التعقيبات: تسبيح الزهراء فإن الصلاة