فصل الواجب العاشر التسليم:

حكم- الاقوال بالتسليم اربعة: انه واجب وجزء من الصلاة وهو المشهور وانه واجب ليس جزءً من الصلاة وهذا قولي, وانه مستحب وجزء من الصلاة وانه مستحب وليس جزءً من الصلاة استدل القائل بالجزئية بالحديث عن ابي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم), ومرسل الفقيه قال امير المؤمنين (ع): (افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم).
وكلام الامام الرضا (ع) انما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها تكبيراً وتسبيحاً او ضرباً آخر لانه لما كان الدخول في الصلاة تحريم كلام المخلوقين والتوجه الى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال وابتداء المخلوقين اولاً بالكلام, وفيه ان هذه نفسها دليل واضح ان التسليم ليس جزءً من الصلاة وماذا تريد اكثر صراحة بانه كلام مع المخلوقين, بل الروايات ليس بصدد الجزئية والا فهل الوضوء من الصلاة حيث قال الامام انه افتتاح الصلاة.
وهذا ما لا يرضاه المستدل وانما هو افتتاح التوجه وارادة الصلاة كما صرحت الآية الكريمة: [إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ..], واذا قلنا ان هذا العمل ابتداؤه الساعة التاسعة صبحاً وخاتمته او تحليله او التحلل منه الساعة اربعة عصراً فهل ان الساعة اربعة جزء من العمل؟ فمتى ينفك العامل المسكين الى اهله هذا بالاضافة الى المستفيضة الدالة على عدم بطلان الصلاة بالحدث قبل التسليم وهي صحيح ابن الجهم عن ابي الحسن (ع) عن رجل صلى الظهر والعصر فاحدث حين جلس في الرابعة فقال (ع): (ان كان قال اشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله فلا يعيد وان كان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد)(1), وبالاضافة الى الحديث المكرر والمنقول معتمداً وصحيح السند لمحمد ابن مسلم قال: سألت ابا جعفر (ع) عن رجل استيقن ما صلى الظهر انه صلى خمساً, قال: وكيف أستيقن؟ قلت: علم, قال: (ان كان علم انه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة فليقم فليضف الى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فتكونان ركعتين نافلة ولا شيء عليه)(2).
وزرارة عنه (ع): (ان كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته), ومعنى قدر التشهد انه تشهد وذلك لان الامام (ع) كان يخاطب الساهي فهو الناسي للخصوصيات فيعطيه قرينة على انه تشهد بان جلس قدر التشهد, واما قول الشيخ (رحمه الله): لا تنافي بين الاخبار لان من جلس في الرابعة ثم قام وصلى ركعة لم يخل بركن وانما اخل بالتسليم وذلك لا يوجب اعادة الصلاة, فليس بدقيق: لانا نقول حتى الاخلال بالتشهد مفروضة ان لا يخلى بالصلاة لان الامام (ع) حكم بعدم الاخلال بمجرد اداء التشهد وصرح بتمامية الصلاة بالتشهد وانه جائزة.
وعلى كل حال فالظاهر من مجموعة الاحاديث حيث تفرض ان التسليم تحليل للصلاة لا مطلق كلام المخلوقين فهو واجب ولا يصح القول باستحبابه, ومن جهة هذا التوجيه نراه وقلناه آنفاً يعطي جزئيته والكلام اكثر من هذا ولكن المعلوم انه يطلب من المطولات واما الاحتجاج بموافقة العامة فهو مبني على وجود احايث مخالفة لهم واخرى موافقة فيلزم الاخذ بالمخالف لهم لان في خلافهم الرشد وايضاً انه لا حديث نص او ظاهر بالجزئية ولا حديث واحد وانما مجرد هروبات بدعوى اعراض الاصحاب والاساطين قالوا كذا مما تعودنا عليها من بعض المستدلين للهروب من الدليل فهذا الطعام [لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ7](3).
حكم- السلام الواجب فقط (السلام عليكم) او (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فايهما قد قلت فقد انصرفت في الصلاة, والافضل اولاً ان يسلم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته ثم السلام الواجب), (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, السلام عليكم ورحمته وبركاته وافضل من الكل السلام الكامل الشامل للائمة (ع) والانبياء والملائكة والمؤمنين حسب الاحاديث الشريفة.
ولعل احسن عبارة واجمعها ما رواه الصدوق فقال: وقل اللهم انت السلام ومنك السلام ولك السلام واليك يعود السلام, السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته, السلام على الائمة الراشدين المهذبين السلام على جميع انبياء الله ورسله

وملائكته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين), فاذا كنت اماماً فسلم وقل (السلام عليكم مرة واحدة وانت مستقبل القبلة...)(4).
وعن الامام الرضا (ع).. السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليك وعلى اهل بيتك الطيبين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم سلم على يمينك وان شئت يميناً وشمالاً وان شئت تجاه القبلة(5).
حكم- للسلام صيغتان كما قلنا فان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين استحب الثانية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وان قلت الثانية فلا تستحب العود للاولى, واما السلام على النبي واهل بيته الطاهرين وكذلك على الانبياء والملائكة فليس بخارج به من الصلاة بل هو مستحب حتى في اثناء الركعات كما سبق ان روينا ان ذكر آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)هو كذكر الله وذكر رسوله وهو جزء من الصلاة.
حكم- ان يقول كلمة السلام عليكم بهذا الترتيب والمادة ولا مانع من حذف الالف واللام اعتباراً لوجود التسليم في القرآن بدون اللام ولكن الاحوط ان يكون بالكيفية الواردة السلام عليك السلام علينا.. ولا مانع ان يقصد بالسلام السلام على المخلوقين فان النص قد صرح بذلك ومن المفارقات ان الشيعة بعدم جواز الصلاة البتراء على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف سكتوا هنا ولم يحاسبوا التاريخ الظالم على اختفاء الآل الكرام في السلام على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم), حيث وفقني الله أن لا أترك إشاعة ذلك في صلاتي وفي رسالتي.
حكم- قد مر في احكام الاوقات بان المصلي لو شرح بالصلاة قبل الوقت خطأ ودخل الوقت في اثنائها صحت وقد قلنا ان يدخل الوقت قبل كمال التشهد لا دخوله وهو في التسليم لما قلناه بان التسليم ليس جزءً من الصلاة.


(1)الوسائل ب1 ح6 قواطع الصلاة.

(2)الوسائل ب19 ح5 الخلل في الصلاة.

(3)سورة الغاشية 88/7.

(4)المستدرك ب2 ح2 و4 تسليم.

(5)المستدرك ب2 ح2 و4 تسليم.