فصل القنوت:

حكم- القنوت: هو الدعاء والرجاء والامل والخشوع من القانت الى المقنت اليه سبحانه وتعالى, بعكس القنوط فانها اليأس وظن الحرمات والابتعاد والملك من الشيء هذا في اللغة, قال الله تعالى: [وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ

صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ31](1) اي اطاعة الله ورسوله ولم تعصه بالرد عليه ومحار به وصيه من بعده بحرب وصي رسول الله (ع) وخضعن فان الله  يؤجرها بكرامة الدنيا والآخرة, وقال تعالى: [أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ9] داع الى لله وخاشعومتعبد لله في اوقات الليل [سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ9](2) فهل هذا تعدونه في الكرامة والثواب من الله تعالى مثل الذي بعكسه الذي هو فاسق فاجر ملعون لا يقنت لله تعالى ليلاً ولا نهاراً ولا يسجد ولا يتفكر ويحذر من عذاب الآخرة ولا يرجو الله من خيره وفضله؟؟! وقال تعالى: [إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا120](3) كالامة وحده لان هو صاحب العائلة الصغيرة المتعبدة وحدهم بتعبد الله تعالى حتى اقرباؤه كانوا كافرين خرج منهم اباؤه كانوا انبياء وابناؤه وزوجاته ولوط ابن عمه وابن خالته اخو سارة فان اباه تارخ قد توفي وتركه صغيراً او لم يولد, وعمه الملعون آزر هو مشرك وكل قومه ضده ولما نجاه الله تعالى من النار فر من القوم الفاسقين ولم يتبعه الا ابن خالته لوط وهو اخو لزوجة ابراهيم سارة, [قَانِتًا] داعياً وخاشعاً ومتعبداً [لِلّهِ حَنِيفًا] مستقيماً في ايمانه وعمله, [وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ120](4), وقال تعالى: [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا53](5) اي لا تيأسوا ولا تخيبوا ولا تظنوا الحرمان, وقال تعالى: [قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ] لا تيأس من تحصيل الولد وتولد الذرية, [قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ56](6).
حكم- القنوت: في احكام الصلاة في العرف الاسلامي لا يقولون للداعي في غير الصلاة انه قانت الا الداعي في هيئة القنوت من رفع اليد وما شابه وفي الصلاة يقولون انه قنت في صلاته في الركعة الثانية, فالقنوت ليس مطلق الدعاء في الصلاة فلو دعى بغير رفع اليد بالقيام والركوع والسجود والتشهد والتسبيح لا يسمى قانت وانما هو داع.
حكم- وذكر كيفيات عديدة للدعاء في حالة قنوت ام غيره منها:

 

أ - القنوت الصلاتي الذي رفع اليدين باطنهما الى السماء.

ب - ان يرفع اصبع السبابة من اليمين ويحركها يميناً وشمالاً ويحرك بدنه باتجاهها ويقال يلوذ باصبعه وذلك من ادعية رجب عند قولك (يا من ارجوه لكل خير وامن سخطه عند كل شر يا من يُعطي الكثير بالقليل يا من يعطي من سأله ومن لم يسأله ولم يصرفه تحنناً منه ورحمة اعطني بمسألتي اياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة واصرف عني بمسألتي اياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة فانه غير منقوص ما اعطيت وزدني من فضلك يا كريم), ثم يقبض بيده اليسرى على لحيته ويدعو بهذا الدعاء ويلوذ باصبعه (سبابته اليمنى) ويقول (يا ذا الجلال والاكرام يا ذا النعماء والجود يا ذا المن والطول حرم شيبتي على النار)(7).

ج - ومنها ان يرفع ظاهر كفيه الى السماء لدفع بلاء ومصيبة قد حدثت او تخفيفها.

د - ومنها ان يرفع كفيه يعليهما ظهراً وبطناً عند الدعاء على ظالم لهلاكه كما دعا الامام الصادق (ع) على داود والي المدينة حينما قتل خادمه.

هـ - منها ان يضرب على فخذه ثلاث مرات عند ختم دعاء العهد لتعجيل الفرج بظهور الامام الحجة (عج) قائلاً: (العجل العجل يا مولاي صاحب الزمان).

و - ومنها: ان يقرأ [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] عن يمينه وشماله وورائه وامامه وفوقه وتحته مشيراً في تلك الاماكن للحفظ من العدو كما مر في فضل سورة [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] من خاتمة احكام القرآن.

ز - ومنها النفخ اذا دعا على واحد بالهلاك ينفخ عليه وكذلك اذا دعا لواحد بالشفاء والعافية ينفخ حوله بعد الدعاء.

ح - ومنها طبق الكفين والاشارة بهما الى السماء رأيت بعض المؤمنين يتوسل بالله بهذه الهيئة.

ط - ومنها جعل ظاهري الكفين الى السماء ويطوي اصابعه الى الاسفل

 

حكم- القنوت مستحب استحباباً مؤكداً في الصلاة عند الشيعة الامامية في الفرائض والنوافل حتى صلاة الشفع, كما ورد عن رجاء بن ابي الضحاك قال: كان الرضا (ع) ...ثم قام الى الصلاة الليل فيصلي ثماني ركعات...ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع يقرأ في كل ركعة منهما الحمد مرة وقل هو الله احد ثلاث مرات ويقنت في الثانية بعد القراءة وقبل الركوع فاذا سلم قام وصلى ركعة الوتر...).
حكم- القنوت في فريضة ونافلة مرة بعد القراءة وقبل الركوع من الركعة الثانية الا في الوتر ففيها قنوتان قبل الركوع وبعده كما سيأتي, وصلاة الجمعة في الركعة الاولى قبل الركوع وفي الثانية بعده وصلاة العيدين ففيها تسع قنوتات في الركعة الاولى بعد القراءة خمس وفي الثانية اربع قنوتات, وصلاة الآيات وهي مخيرة بين ان يقنت قنوتاً واحداً قبل الركوع العاشر او اثنين قبل الخامس والعاشر, او خمس قبل الركوعات الزوجية أي قبل الثاني والرابع والسادس والثامن والعاشر.
حكم- ليس للقنوت ادعية مخصوصة لازمة وانما يفضل الادعية وتشتهر بين المؤمنين من الواردات وبعضها من حوائج خصوص الناس وتعبيرهم, واقلها: (سبحان الله) او (الحمد لله) او (استغفر الله) او (اللهم صلِ على محمد وآل محمد), ويكثر قوله تعالى: [رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ201](8), [رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ53](9). [رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ8](10), او دعاء الفرج: (لا اله الا الله الحليم الكريم لا اله الا الله العلي العظيم سبحان رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين), او دعاء للحجة (عج): (اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه...), او دعاء العقيدة: (رضيت بالله رباً وبالاسلام ديناً وبالقرآن كتاباً وبمحمد نبياً ورسولاً وبعلي بن ابي طالب إماماً وبفاطمة الزهراء سيدة وشفيعة وبالحسن والحسين وبالائمة المعصومين من ذرية الحسين سادة وقادة بهم أتولى ومن أعدائهم ابترأ في الدنيا والآخرة) او (اللهم اغفر للمؤمنين والؤمنات الاحياء منهم والاموات تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات وغافر الخطيئات وماهي السيئات انك على كل شيء قدير اللهو صلِ على محمد وآله الطاهرين), او الآية الكريمة [رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ](11), او (اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا يوم يقوم الحساب ولوالدينا وجميع المؤمنين والمؤمنات) أو (اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وفضلك عمن سواك يا خفي الالطاف نجنا مما نحذر ونخاف بحق محمد وآله الاشراف) وغير ذلك مما تعارف بين المؤمنين من الوارد وغير الوارد.
حكم- يجوز ويجزي قراءة الاشعار في الدعاء كما ورد في مناجاة امير المؤمنين (ع) وورد في طواف الامام زين العابدين (ع) في الكعبة, ومما ورد من الادعية:

 

إلهي عبدك العاصي اتاكا

 

مقراً بالذنوب وقد دعاكا

كما يجوز الدعاء في القنوت بغير اللغة العربية سواء من الامام او المأموم او المفرد في الفريضة او النافلة وايضاً للجاهل ان يدعو بالدعاء العامي او الملحون.
حكم- يجوز الدعاء للناس باسمائهم واسماء حوائجهم كما يجوز لعن اشخاص وذمهم والدعاء عليهم, اذ ان الدعاء هو مظهر من مظاهر التولي والتبري ولا خلاف في هذا بن المسلمين بل من كل المتعبدين باي دين من البشر نعم ان الوهابية الملعونين يمنعون من لعن وذم محاربي امير المؤمنين وقتلة العترة وشيعتهم.
حكم- لا يجوز الدعاء لطلب الحرام او لترك واجب ويجوز الدعاء لطلب المباحات والمكروهات او لترك المستحبات, ويستحب الاطالة بالقنوت في كل ما اراد الداعي وخصوصاً فيما يقربه الى الله تعالى, فعن الرسول 9: (اطولكم قنوتاً في دار الدنيا اطولكم راحة يوم القيامة في الموقف) واطاله الدعاء افضل من اطالة قراءة القرآن.
حكم- يستحب التكبير قبل القنوت وبعده ورفع اليدين الى الاذنين حال التكبير ويستحب رفع اليدين في القنوت باطنهما الى السماء وهو على درجات منها ميال بطنه وهو مكروه وهو قنوت الجاهلين والمستهزئين والمستهينين وافضل منه مقابل صدره وهو للمرأة اكثر فضلاً وافضل منه حيال وجهه وهو للرجل فقط, ويكره ان يرفع يديه الى اعلى من رأسه ففي موثق ابي بصير لا ترفع يديك في الدعاء بالمكتوبة تجاوز بهما رأسك(12).
حكم- يستحب ان يكون الكفان مطبقين ومضمومي الاصابع الا الابهامين ويستحب الجهر بالقنوت سواء كان في الصلاة الجهرية او الاخفاتية وخصوصاً لامام الجماعة نعم لا يستحب الجهر للمأمومين لانه يشوش الامام ويعمل الضجيج في الصلاة.
حكم- يشترط في القنوت القيام على المشهور في الصلاة القيامية الا في النافلة فهو مخير والقيام افضل وان نسي القنوت من قيام فان تذكر قبل الركوع قام واتى به وان ركع قضاه بعد القيام من الركوع وان جلس للسجود قنت قبل ان يسجد او تركه وقنت بعد الصلاة جالساً مستقبل القبلة على الافضل واذا تركه عمداً فلا مانع الاتيان بع بعد الركوع اذ هو دعاء يستحب في كل مواضع الصلاة.

حكم- القنوت في الفريضة كما قلنا قبل من الركعة الثانية فلو فعله في غير هذا الموضع فمضمونه الركوع  مستحب في كل موضع في الصلاة لانه دعاء وذكر فلا وجه للقول بانه مبطل للصلاة, واما رفع اليد فهو ايضاً مستحب في كل دعاء سواء بعنوان القنوت او بغير قنوت فهذه الهيئة ايضاً غير مبطلة ولا ممنوعة, ومدعي المنع عليه الاثبات, نعم ان المكلف اذا عنونه بالقنوت الصلاتي وقد اتى به في موضع آخر فهذه الصفة ملغية وليس كل ملغي مبطل للصلاة.


(1)سورة الاحزاب 33/31.

(2)سورة الزمر 39/9.

(3)سورة النحل 16/120.

(4)سورة النحل 16/120.

(5)سورة الزمر 53.

(6)سورة الحجر 15/55 – 56.

(7)مفاتيح الجنان: ثامن اعمال رجب.

(8)سورة البقرة (201).

(9)سورة آل عمران 3/53.

(10)سورة آل عمران 3/8.

(11)سورة البقرة آخرها.

(12)الوسائل ب12 ح2 قنوت.