فصل الخلل في الصلاة:

حكم- الخلل اما ان يكون عن علم او جهل او سهو او شك ويكون عن عمد او خطأ بسهو وغفلة او عن ظن او تخيل ويكون بزيادة او نقيصة والزيادة او النقيصة بمستحب او كراهة الامر الذي غير لزومي كترك القنوت والعبث باليد والرأس واما محرم او واجب الامرين اللزومين بركن أو غير ركن امور كثيرة ترد منتظمة مسلسلة حتى نأتي عن أخرها ان شاء الله تعالى بحسن توفيقه وقبوله منا جميعاً من المؤلف والدارس والمدرس والناقل والطابع والناس ان الله سميع مجيب ان شاء الله.
حكم- الخلل: هو تفريق الامر المتلازم عن بعضه والفصل بين اجزاء الامر المنتظم والمترابط عن بعضه مما يسبب للصلاة مثلاً خروجها عن وضعها الاصلي فاما ان يبطلها او يصححها بالامر الثانوي التسهيلي بناء على قواعد خاصة في تصحيح الصلاة عند حدوث مختلف الشكوك والسهو او العمد بالمخالفة وهي 16 قاعدة هي:
قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ ولا تعاد, وعدم الشك بعد الوقت وعدم اعتبار لشك كثير الشك وعدم اعتباره في النافلة وعدم اعتبار شك الامام مع حفظ المأمومين وبالعكس, وقاعدة اعتبار الظن بالركعات ولا سهو في السهو والبناء على الاكثر بالشكوك الصحيحة والمنسي يؤتى به ما لم يدخل بالركن اللاحق ويسقط التدارك مع الدخول, وقاعدة ان الزيادة والنقيصة العمدية توجب البطلان وان المناط في الشك والظن المستقر منهما والزائل وان لكل زيادة ونقيصة سجدتي سهو وهي قاعدة مردوده وانه ليس في الركعتين الاوليتين لا شكوك وانه لا يعيد الصلاة ففيه انه يرقعها.
حكم- قسموا الاجزاء للصلاة وغيرها الى جزء الماهية اي الجزء الذاتي والجزء غيره الكمالي والمستحب اختلفوا فيه هل هو جزء الماهية او خارج عنها مجرد كمالي فيها اقول يمكن ان نحسم النزاع بضرب مثل وهو انه اذا كان شخص اخرس لا يحسن من الكلام الا القول (اللهم صلِ على محمد وآله محمد) فهل يجتزي عن الحمد والركوع والسجود بهذا اللفظ كمظهر من مظاهر ذات الصلاة ام لا وانه لا يقول شيئاً ويقبل منه الصلاة بدون ما يحسن من الكلام؟ الجواب الظاهر انه يجب عليه كلما يحسن ويقبل منه ويشمله (اذا امرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم), وعليه فان المستحب جزء من الماهية ولكنه في مرحلته حيث ان مظهر الذات غيره فهو ذاتي ثانوي كمالي ويمكن ان يبتلى الانسان فيكون ذاتي عيني اي جزء الماهية في حالة ثانوية كما مثلنا.

أولاً: الخلل العمدي
حكم- الخلل العمدي بعضه مبطل للصلاة كزيادة الاركان وزيادة الواجبات كمن سجد ثلاثاً او نقيصة كعدم اداء الركن او نقيصة الواجبات كعدم التشهد او عدم ذكر الركوع والسجود واداء سجدة واحدة وهكذا, وبعضه محرم وليس كمبطل كما قلنا بغصب المكان وقول امين والتكفير وبعضه ملغي ولم يثبت له التحريم او ابطال كزيادة  القنوت في غير موضعه وقول الامام (من زاد في صلاته فعليه الاعادة)(1) الزيادة التي لا اطلاق لوجهها والقنوت وجهه مطلق انه دعاء وذكر وهو يصلح لكل مكان في الصلاة وانما اخطأ المصلي اذ وصفه بانه القنوت الصلاتي والوصف لا يزيد الذات حكماً من تحريم او ابطال للصلاة.

ثانياً: الخلل عن جهل
حكم- الشروط والاجزاء منها واقعية ومنها علمية, والواقعية دخول الوقت والقبلة والطهور والنية والاحرام والركوع والسجود اي الاركان الثمانية, فهي بتركها وزيادتها تبطل الصلاة كما مر مفصلاً جهلاً او عمداً وسهواً او قهراً كالصلاة قبل دخول الوقت, وما عدى ذلك من الواجبات ليس بتلك المثابة فالجهل بها حكماً وموضوعاً باحاديث وضع عن امتي وهو المرسل المعتمد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (وضع عن أمتي تسعة اشياء: السهو والخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون والطيرة والحسد والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشقة)(2).
حكم- استدلوا لعفو الجاهل والساهي بخبر لا تعاد وهو عن صحيح زرارة عن ابي جعفر (ع) قال: (لا تعاد الصلاة من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود) ثم قال: (القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة)(3), فهذه قاعدتان: لاتعاد ولا تنقض السنة الفريضة, بهاتين القاعدتين نفهم ان كل خلل بسبب الخمسة تعاد الصلاة سواء بنقيصة او زيادة وسواء بعمد او سهو او جهل او غفلة وسمينا الخمسة اركان الصلاة وكل خلل قصرنا فيه بغير الخمسة من قراءة او تشهد او ذكر او تسبيح فلا ننقض الاركان بسبب الخطأ بغيرها يعني لا ننقض الصلاة ونخرج الخلل العمري فقط عملاً بشرطية الشروط وجزئية الاجزاء فلا يمكن ان قاعدة لا تعاد الشرطية والجزئية بالمرة فبهذا نعرف ان القاعدتين (لا تعاد ولا تنقص) تقصد غير المخالفة العمدية.
حكم- الخمسة قد زدناها ثلاثة جمعاً بين هذا الحديث واحاديث أخرى واعتباراً شرعية ثابتة ومتفق عليها بين المسلمين وهي النية وتكبيرة الاحرام والقيام اثناء التكبيرة, فهذه الفرائض انها ثمانية ومعناها ما فرضها الله تعالى ابتداءً والسنة هي ما فرضها الله تعالى بعد التحدث مع الرسول والاتفاق معه وهو الذي ابداها اولاً كمثل ما روي (انه عرج فرأى ملكوت السماوات فالهمه الله فاستهل وقال سبحان ربي العظيم فقال الله تعالى له اجعلها في ركوعك, وسجد شكراً لله فالهمه الله فقال سبحان ربي الاعلى, فقال اجعلها في سجودك وجلس واراد الشهادة لله فساعده الله بترتيب الكلمات من العالي الى الداني الله والرسول ثم الصلاة على الرسول وآله ووقف واراد ان يقرأ ما نزل عليه من الذكر الحكيم فاختار له اول سورة واعظم سورة نزلت عليه وهي الحمد ورأى الملائكة منهم يسبّحون ومنهم يهللون ومنهم يكبرون ومنهم يحمدون فطلب من الله ان يجعل له ولامته ثوابهم فزاده سبع ركعات بعدما اتفقا على خمس صلوات كل صلاة ركعتان والزيادة سبعة استجابة له حيث اراد ان يثيب امته بعمل الملائكة وهي التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وهكذا, فالخلل بالثمانية سبب لاعادة الصلاة والخلل بغيرها لا تعاد.
حكم- اشكلوا في شمول لا تعاد للجاهل لانه حين يخالف هو عامد وقاصد فيشمله حديث بن مسلم عن احدهما (ع): (القراءة سنة فمن ترك القراءة متعمداً اعاد الصلاة ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شيء عليه)(4), ورد بان المراد بالعمد العمد بالحكم والموضوع معاً والجاهل عامد موضوعاً يعني عند العمل تعمد المخالفة ولكن ليس حكمه حكم العامد من حيث انه يجهل المخالفة في تعمد هذا.
حكم- مسألة القاصر والمقصر وحديث لله الحجة البالغة فيسأل العبد لم لم تعمل فيقول لم اعلم فيقال له هلا تعلمت فيؤخذ الى النار, مثل قوله تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا97](5), انهم تكاسلوا عن الهجرة حتى يحرروا عن الظلم والجهل والعسر والحرج فظلموا انفسهم وانهم كانوا قادرين للهجرة والخلاص والتعلم والسعادة واليسار فهم معاقبون هذا صحيح ولكن حساب التقصير مرحلة متقدمة على مرحلة العمل وبطلان العمل بسبب الجهل والذي يتكفل بصحة العمل بالجهل حديث لا تعاد وحديث الرفع الذي ذكرناه قريباً (6) مع سهولة الملة ورحمة الاسلام بالعباد وان الجهل يعم البشرية غالباً ولم تجد من يتنبه الى جهله ووجوب التعلم الا اقل القليل وتجد الجهل في كثير من الاحكام يعم حتى الفضلاء وطلاب الحوزات, والحديث الشريف أيضاً: (اي رجل ركب امراً بجهالة فلا شيء عليه)(7), والفقهاء كما انهم لانفسهم يحتالون فلا يعيدون صلاة كما في الحديث: (ما اعاد الصلاة فقيه قط يحتال لها ويدبرها حتى لا يعيدها)(8), فالمفروض ان يستنفذوا قواهم بان لا يأمروا الآخرين بالاعادة ويدبرون اعمالهم ويحتالون لهم لتصحيح اعمالهم وتيسير دينهم لهم.
حكم- اذا حصل خلل من زيادة او نقيصة واحس بها المصلي فقد قلنا ان استطاع الاستدراك كما في النقيصة مع عدم فوات المحل استدرك وان فات المحل او لم يستطع الاستدراك لانها زيادة وشك بانه عمل الزيادة او الخلل عن عمد كما لو كان الشخص لا يبالي بالاحكام او كانت عن سهو منه بنى على السهو ولا يسيء الظن بما سبق من أعماله لقاعدة التجاوز والفراغ والحمل بعمل المسلم على الصحة.


(1)الوسائل ب19 ح1و2 الخلل.

(2)الوسائل ب37 القواطع.

(3)الوسائل ب7 ح2 التشهد.

(4)الوسائل ب27 ح1 و2 القراءة.

(5)سورة النساء 4/97.

(6)الوسائل 37 قواطع الصلاة.

(7)الوسائل ب30 الخلل.

(8)الوسائل 29 ح1 الخلل.