اذا كان عمله في السفر او لم يكن له وطن يستقر فيه:

حكم- هذا العنوان تحته ثلاثة اقسام من الناس:

حكم- الاعجام والاعراب الرحل ليس بالمهم ان لا يكون لهم وطن وسكن يرجعون اليه وانما المهم انهم يرحلون دائماً ولا يستقرون الا وقتاً قليلاً كما ان الفقهاء فرقوا بين سفرهم لعملهم من الرحلات لطلب العمل او العلم والعشب ولاجل تربية المواشي وتسويقها ومنتجاتها وبين ترك كل ذلك والسفر للحج والعمرة والزيارة وما شابه ففي هذا السفر يقصر اذا لم يكن هذا مورد رزقه وعمله.
حكم- فرق بعض العلماء بين من شغله السفر فحكم له بالتمام كراعي الجمال يكربهن للركوب وفي هذا الزمان سائق السيارة يكربها وقبطان الطائرة والسفينة وبين الموظف الذي وظيفته على رأس مسافة عن بيته او التاجر يسوق بضائعه او يتسوقها على مسافات شرعية فحكم له كمسافر عادي بينما الحديث الشريف قد شملهما ومنه صحيح ابن مسلم عن احدهما H: (ليس على الملاحين في سفينتهم تقصير ولا على المكاري والجمال)(1) واسماعيل عن جعفر (ع) قال: (سبعة لا يُقصرون الصلاة, الجابي الذي يدور في جبايته والامير الذي يدور في امارته والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق الى سوق والبدوي الذي يطلب مواضع القطرة ومنبت الشجر والرجل الذي يطلب العيد يريد به لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل)(2) فالجابي هو الموظف من قبل شركة يجلب لها الضرائب على الناس والامير يزور المدن ليحضى بالشعبية والتأييد والبدوي هو المربي المواشي يلحق مواضع العشب والماء لعياله ومواشيه, والصائد والمحارب للناس يقتل ويسلب ويخيف الناس في طرقهم فهما ذووا سفر حرام, وعشرات او مئات الامثلة من اعمال الناس تبتني على هذه الامثلة, والجامع لها انه يدور ويكثر السفر في سبيل معيشته سواء شغله السفر او شغله في السفر.
والاحاديث تعبر عنهم ليس له مقام قال في صحيح هشام: المكاري والجمّال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان(3).
حكم- المشهور بين الامامية ان المسافر الذي جدبه السير يقصر الصلاة وهو يواصل سفره ليلاً ونهاراً ولا يستقر ولا يستريح وهذا مع انه كثير السفر في رزقه انه يقصر الصلاة وقالوا عنه انه من جعل المنزلين منزلاً واحداً لمواصلته وسرعته وعلى ذلك احاديث عديدة, يحتمل سقوط الموضوع حالياً لان الجد معناها المشقة الشديدة وذلك من مواصلة السفر وسرعته مع البرد والحر وعدم وسائل الراحة بل وشبهات الطريق حيث انها لم تعبد ولم توضح مع خوف السلابة بينما الان تقضي نهاراً كاملاً تقطع قارة كاملة سواء في سائرة او قاطرة او باخرة واما الطائرة فانها تعبر بك قارات الارض في النهار الواحد من اقصى جنوب استراليا الى اقصى شمال كندا مع كل اسباب الراحة والرفاهية والاكل والاشربة والخدمات والفرش الوثيرة فلم يصدق الجد حالياً.
حكم- اذا سافر متخذ السفر لعمله سفراً ليس لعمله كما اذا ذهب للزيارة او للحج أو النزهة بدون ان يستفيد مالياً وانما هو الذي يصرف اي انه ليس اجيراً ولا تاجراً رابحاً من سفرته فهذا يقصر بسبب تعليل اتمام الصلاة قال (ع): (لانه عملهم), نعم لا يمنع ان يهدي هدايا او يتصدق بشيء لحسن خلقه او لخدمته للناس بدون ان يكون أجيراً في سفرته.
حكم- فرقت الاحاديث الشريفة بين من لم يثبت كثرة سفره في عمله فحددته بخمسة ايام حتى يعرف نفسه انه كثير السفر وانه يتم الصلاة ومن ثبت له كثرة السفر ولكن توقف واقام صدفة وبلا استمرار على الاقامة فحددته لايقاف عنوان كثرة السفر عنه بعشرة ايام فلاحظ ما يلي:

 

أ - عن هشام عن ابي عبد الله (ع) قال: (المكاري والجمّال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان)(4) يعني به مقام خمسة ايام او اقل فان الذي يسافر دائماً ولا يقيم خمسة ايام ومن اجل عمله فانه كثير السفر فهو يتم الصلاة والصوم.

ب - وعنه (ع): سألته عن حد المكاري الذي يصوم ويتم؟ قال: (ايما مكار أقام في منزله او في البلد الذي يدخله اقله من مقام عشرة ايام وجب الصيام والتمام ابداً وان كان مقامه في منزله او في البلد الذي يدخله اكثر من عشرة ايام فعليه التقصير والافطار)(5).

ج - ابن عمار عن ابي ابراهيم (ع) قال: سألته عن المكارين الذين يكرون الدواب وقلت يختلفون كل ايام كلما جاءهم شيء اختلفوا؟ فقال: (عليهم التقصير اذا سافروا)(6) فهؤلاء الذين يصادف لهم السفر كل خمسة او ستة ايام وليس سفرهم منتظم ولم يحرزوه وانما دائماً بالانتظار فنتخرج من الحديث بتعريفة جديدة وهي: كل انسان كان سفره محرز الكثرة معلوم الاستمرار ولم يقم خمسة ايام فهو يتم, وكل انسان يعيش على المصادفات ولم يحرز ولم يسبق له تنظيم سفرات فهو يقصر في سفره وان صادف كثرة السفر وتكراره.

د - ابن سنان عن ابي عبد الله (ع): (المكاري اذا لم يستقر في منزله الا خمسة ايام او اقل قصر في سفره بالنهار واتم صلاة الليل وعليه صيام شهر رمضان فان كان له مقام في البلد الذي يذهب اليه عشرة ايام او اكثر وينصرف الى منزله ويكون له مقام عشرة ايام او اكثر قصر في سفره وافطر)(7), لابد من اصلاحه ليوافق القواعد الثابتة بتبديل (قصر) الى (اتم) والتي صرح بها في كل حديثه, واتم صلاة الليل وعليه صيام شهر رمضان, وان كان له مقام في البلد الذي يقصده او في بلده فان السفرة من بعد تلك الاقامة يقصر فيها الصلاة, وقوله (وينصرف) فسر (او ينصرف) وهو اللازم ومعناه انه اما يقيم في منزله او في البلد الذي يقصده وبهذا الاصلاح يكون معتمداً ونصاً واضحاً بالباب وهو ان الاقامة في خمسة ايام او اقل تؤهله لمصداقية كثرة السفر والاقامة عشرة او اكثر تقطع حكم التمام من الذي يتم لأنه كثير السفر.

 

حكم- اذا انقطع كثير السفر عن السفر عشرة ايام في وطنه او في غير وطنه عشرة ايام سواء كانت منوية ام غير منوية فالسفرة الاولى بعد هذا القطع يصلي فيه قصراً ويفطر واذا طالت السفرة كسفره للحج فالسفرة للمحطة الاولى يقصر فيها مع المحطة الاولى وفي السفرة منها يبدأ بالتمام والصيام.
حكم- قيل ان القانون للمطارات في العالم انه يوجب على كل طيار ان يأكل ويشرب قبل قيادة الطائرة, فلو صادف نهار الصوم فلا يسمح به بالصيام فهذا ان استطاع التحيل على القانون ولو بارشاء بعض الذين حوله فعل او يعتذر من القيادة في النهار, او يطلب الرخصة وبالتمارض وغيره في شهر رمضان او يسافر بالسيارة قبل رحلة الطيارة فيضطر بالسيارة لانه سفر ليس من شغله وفي الاخير تأمل, او يطلب من الادارة جعله في شهر رمضان مساعداً للطيار وليس نفسه اذا كان المساعد يعفى من الاكل, وهكذا يحاول ان يعبد الله ولا يعصيه وهكذا كل مؤمن متدين اعترضه بعض العوارض في تطبيق الاحكام يجب ان يتحيل حتى يقوم بفرائضه.
حكم- المتعهدون للحجاج والزوار في خلال السنة المناط في تقصير او اتمامهم انهم يعتبرون عملاً لهم, فلو كان التاجر في سوقه او وظيفته ولكنه يكون متعهداً في عدة زيارات وعمرات وحج فليس هذا يعتبر من شغله السفر سواء سافر في اجرة أو مجاناً وحينئذ بمراجعة حديث ابن عمار: خرجنا بتعريفة كما قلنا قبل صفحتين بان الذي يصادف الخروج وليس بمنتظم الخروج انه يصلي قصراً, ومن خبر جزك: اذا كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر الا الى مكة فعليك تقصير وافطار(8), ومعلوم ان السفر الى مكة لا يقل عن شهر ونصف في ذلك الزمان او نحوها نصف شهر اعمال الحج من شهر في الطريق وعليه فلو فرضنا ان جزك يسافر اسفار الى مكة في السنة وهي حج وعمرتان يعني كل اكثر من شهرين يخرج مسافراً بما يزيد على شهر ونصف وقد قال له الامام (ع) بالتقصير, وعليه فنقول والله اعلم: اولاً: ان السفرة الاولى اي المرحلة الاولى من السفرة المطولة بعد الانقطاع يصليها قصراً كما مر بالمسألة السابقة, وثانياً: اذا كان السفرة بعد الانقطاع الطويل تدوم شهرين فانه يتم فيها الصلاة وان كان حوالي شهر ونصف فلا يتم بل يقصر, وثالثاً: اذا تعادل السفر والحضر فانه يعد كثير السفر فضلاً عما اذا زاد السفر على الحضر.
حكم- من كان تردده الى ما دون المسافة ويصادف انه يخرج الى مسافة فانه يقصر وان تكرر ذلك, وكذا اذا لم يشتغل بالسفر ولكن ابتلي بمراجعات حكومية او غيرها او بسبب حضور محكمة لاثبات قضية وغير ذلك فانه يقصر حتى لو دامت المراجعات سنة.


(1)الوسائل 11/4 و9 المسافر.

(2)الوسائل 11/4 و9 المسافر.

(3)الوسائل 11 ح9 المسافر.

(4)وسائل 11/1 المسافر.

(5)وسائل 12/1 و3 و5.

(6)وسائل 12/1 و3 و5.

(7)وسائل 12/1 و3 و5.

(8)الوسائل ب12 ح3 و4 مسافر.