فصل صلاة الاستيجار:

حكم- اختلفوا في صلاة الاستيجار اذ ينقل عن صاحب الذخيرة والوافي الاشكال فيها وصاحب الوسائل (رحمه الله) لم يخص لها ابواباً, والفقهاء الذين يستدلون عليها يأخذون احاديثها من فصل الاحتضار او من صلاة القضاء ومن المعاملات, ومعلوم ان لها الحق ان يكون لها فضل وتخصها احاديث فانها ليست قضاء فقط.
حكم- يجوز لكل شخص ان يؤدي الحقوق المالية عن الاحياء والاموات ومنها العبادية كالخمس والزكاة والكفارات والنذور وغيرها, او معاملات كالاجرة على شيء او ثمن بيع او غرامات على متلفات كما يجوز عن الحي اداء بعض العبادات البدنية المستحبة كالزيارة والطواف ويتبع الزيارة صلاة ركعتين ويجوز اهداء الثواب لبعض العبادات المستحبة الى الحي ولا يجوز عن الاحياء الصوم ولا الصلاة, نعم اذا استطاع مالياً وعجز بدنياً يجوز الحج عنه وكذا يجوز اذا كان الحج مستقراً عليه وهو عاجز ببدنه.
حكم- يجوز النيابة عن الميت في كل العبادات الواجبة والمستحبة باجرة وبغير أجرة وعمل المكلف اذا عمل وقصد اهداء ثواب عمله الى الميت فهذا لا يفرغ ذمته وانما يلزم ان ينوب عنه, نعم لا حاجة لان يكون بمنزلة نفسه وانما ان يقول بان هذا العمل بدل عما في ذمته مثل ما يبذل المال لتفريغ ذمة غيره ومعلوم ان العبادة المطلوبة من الميت التي يؤديها الأجير هي نوع من الدين لله تعالى وقد عبر الرسول (ص) عنها بالدين في خبر الختعمية: قالت سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان ابي ادركته فريضة الحج شيخاً زمناً لا يستطيع ان يحج ان حججت عنه ينفعه ذلك؟ فقال (ص) لها: (أرأيت لو كان على ابيك ديناً فقضيتيه ينفعه ذلك؟ قالت نعم فقال 9: فدين الله احق بالعطاء).
حكم- يعتبر في صحة عمل الاجير كلما يشترط في العبادات مثل قصد القربة وعدم الرياء فالصلاة المتقرب بها يملكها للميت اما باجرة وهي صلاة الاستيجار واما بدون أجرة وهي تسمى صلاة النيابة وهكذا كل الاعمال العبادية عن الغير كصوم الاستيجار وحج النيابة.

حكم- لا يشترط بالنيابة او الاستيجار عن شخص ميت ان يكون هو مطلوباً وانه قد قصر في عبادته فانه قد ورد في احاديث كثيرة النيابة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) او عن الائمة (ع), ومن ذلك ما ورد عن هشام بن الحكم انه قال: اللهم ما عملت من خير مفترض وغير مفترض فجميعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته الصادقين (ع) فتقبل مني وعنهم(1), وعن المحمودي انه كان يحج عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويهدي ثواب ذلك الى الائمة (ع) ثم يهدي ثواب الاهداء اليهم (ع) الى المؤمنين(2), وعن الحسن (ع) والحسين (ع) انهما كانا يؤديان زكاة الفطرة عن علي بن ابي طالب (ع) حتى مات وكان علي بن الحسين (ع) يؤديها عن الحسين بن علي (ع) حتى مات وكان ابو جعفر (ع) يؤديها عن علي (ع) حتى مات, قال جعفر وانا اؤديها عن ابي(3).
وعن موسى بن القاسم قال: قلت لابي جعفر الثاني (ع)...طفت يوماً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ثلاث مرات صلى الله على رسول الله وآله, ثم اليوم الثاني عن امير المؤمنين (ع) ثم طفت اليوم الثالث عن الحسن (ع) والرابع عن الحسين (ع) والخامس عن علي بن الحسين (ع) واليوم السادس عن ابي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) واليوم السابع عن جعفر بن محمد (ع) واليوم الثامن عن ابيك موسى بن جعفر (ع) واليوم التاسع عن ابيك علي (ع) واليوم العاشر عنك يا سيدي وهؤلاء الذين ادين الله بولايتهم فقال اذا والله تدين الله بالدين الذي لا يقبل من العباد غيره, فقلت وربما طفت عن امك فاطمة (ع) وربما لم اطف, فقال استكثر من هذا فانه افضل ما انت عامله ان شاء الله(4).
وعن ابن المغيرة عن ابي الحسن (ع) قلت له ان ابي سأل جدك عن ختم القرآن...ثم ختمته بعد ابي فربما زدت وربما نقصت على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي فاذا كان يوم الفطر جعلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ختمة ولعلي (ع) أخرى ولفاطمة أخرى ثم للائمة (ع) حتى انتهيت اليك فصيرت لك واحدة منذ صرت في هذه الحال فاي شيء لي بذلك, قال: لك بذلك ان تكون معهم يوم القيامة, قال الله اكبر فلي بذلك؟ قال: نعم ثلاث مرات(5).
حكم- يجب على من عليه دين من صلاة وصيام وحج أو ديون مالية من خمس او زكاة او نذور او دين للناس او كفارات او مظالم للعباد ويجب على الوصي ويتعاون معه الورثة على تنفيذ الوصية ويخرج الواجبات المالية من اصل المال ومنها الحج والبقية من الثلث والجميع يعتبر شرعاً دين لله تعالى وللناس كما مر خبر الخثعمية والتفصيل سيأتي في باب الوصية.
حكم- لو آجر نفسه لحج او صوم او صلاة فمات قبل تنفيذ العمل فان اشترط المستأجر المباشرة من خصوص الأجير فان كان على نحو القيد قيل بطلت الاجارة, وان كانت على نحو الشرط كان للمستأجر خيار تخلف الشرط واطلق في العروة البطلان سوف يخالفه في باب الاجارة مفرقاً بين الشرط والقيد وان لم يشترط المباشرة فلورثة الأجير تأخير من شاؤا ليكمل العمل واذا كان فقيراً لم يترك تركة يستأجر منها جاز اخذهم من الحقوق الشرعية من خمس وزكاة اذا وجدت والا فلا يجب على الورثة من غير مال الميت.
حكم- اذا كان على الميت من الصوم والصلاة والحج وكان عليه مثلها إستيجارية للناس والتركة لا تكفي لادائهما وجب تقديم حق الناس فانه مقدم على حق الله تعالى, واستشكل السيد (رحمه الله) في المهذب قائلاً (ولكن ثبوت الكلية) اي كلية تقديم حق الناس مشكل بل يظهر من صحيح ابن عمار العكس قلت له رجل يموت وعليه خمسمائة درهم من الزكاة وعليه حجة الاسلام وترك ثلاثمائة درهم واوصى بحجة الاسلام وان يقضى عنه دين الزكاة؟ قال (ع): يحج عنه من اقرب ما يكون ويخرج البقية في الزكاة)(6), قلت لا وجه لاستفادة تقديم حق الله على حق الناس هنا لان الحج والزكاة كلاهما حق الله وصرف الزكاة في الحج الذي على نفس الميت من حيث كونه احد مستحقي الزكاة بسبب قلة تركته وقصورها وعن اتمام وصيته, وقال في المهذب ايضاً (ويكن ان يستفاد ذلك من قوله (ع) في قضية الخثعمية فدين الله احق ان يقضى), قلت ان الحديث لم يثبت ان دين الله احق من دين الناس وانما الحديث مجمل من هذه الجهة وانما ظاهره ان احق مقصود (حق) وليس تفضيله على قرينة هذا اذا رجعنا لبقية نصوص الموضوع.
حكم- يشترط في الاجير ان يكون مأمونا على حقوق الله ومشهوراً باداء حق الناس غير متهتك في دينه ولا مستخف بشيء من حقوق الناس يطمئن له المؤمنون ويظمنه العقلاء المتورعون, نعم لا يشترط فيه العدالة التامة.
حكم- اذا كان من بلغ عشر مطمأناً إليه جاز نيابته عن الميت واستئجاره خصوصاً مع اذن وليه وضمانه بادائه وبصحة عمله.
حكم- الاعذار مختلفة فبعضها يبتلى بها الناس في غالب حياتهم كقطع بعض الاعضاء وكالتيمم بدل الطهارة المائية وكنجاسة الثوب والبدن وكاستحاضة النساء فهذه الاعذار لا تمنع الاجير من نيابته في الصلاة او الصوم او الحج وغيرها, واما الاعذار الشديدة والتي لا تكون غالباً كالمقعد والذي لا يتم الركوع والسجود والمسلوس والمبطون, ولو تبرع العاجز غير المقبول عذره في النيابة فيشكل كفايته.
حكم- لا يشترط على الاجير اتباع تقليد من يقلده ولا من يقلده المستأجر بل هو مخير من يتبع في احكام الاجارة, نعم لو قيد المستأجر في عقد الاجارة كيفية العمل او اتباع مرجع معين تعين لانه هو مسلط على شروط التأجير.
حكم- يجوز استيجار الرجل والمرأة عن الرجل والمرأة ويأتي الاجير بحسب احكام نفسه لا احكام المستأجر, فاذا كانت الاجيرة امرأة فتخفت الصلاة وغيرها من الاحكام وهكذا احكام الرجل يجهر الصلاة في الصبح والمغربين ولا يخفت وان ناب عن امرأة.
حكم- يجوز اتيان الصلاة الاستيجارية جماعة اماماً كان الاجير او مأموماً والاشكال فيها من حيث اكثر الاستيجارية احتياطية بعيد في النظر المعادة في الجماعة مستحبة اتفاقاً وان الله يختار افضلهما لو فرض انها كانت مؤداة فتكون معادة.
حكم- اذا استوجر للصلاة عن الميت جماعة لا يجب ان يعين لكل واحد وقتاً مقدماً او مؤخراً عن الآخر فيجوز ان يصادف الاجراء صلاتهم في وقت واحد وهذا التعقيد الذي عمله في العروة لا اثر له في الادلة.
حكم- لا تفرغ ذمة الميت بمجرد الاستيجار بل يتوقف على اتيان العمل صحيحاً ويقبل اخبار الاجير ان قال بانه اداه صحيحاً بل في الحديث ضع امر اخيك على احسنه ولا يلزم التحقق معه والتشكيك الا اذا بدت منه بواد الشك من الخيانة او السهو او الجهل, هذا مع انتهاء المدة, واما اذا مات او جن او تمرض قبل انتهاء المدة فالبناء على الاداء والصحة مشكل فيلزم التحقق عن ما استؤجر عليه.
حكم- يجوز للأجير ان يشرك غيره بالعمل الا اذا اشترط عليه الاستقلال بالعمل او كان قرينة على ذلك وحينئذ لا يجوز ان يستأجر غيره للعمل باقل من الاجرة التي أخذها الا اذا عمل هو بعض العمل.
حكم- اذا تبرع متبرع بالعمل او استؤجر من هو اقل اجرة واسرع بالعمل فرغت ذمة الميت فسخت الاجارة الا اذا أريد زيادة الاحتياط لتفريغ الذمة اكثر واضمن, واذا تبرع متبرع عن الأجير استحق الاجير أجرته.
حكم- اذا تبين بطلان عقد الاجارة قبل العمل لزم ارجاع الاجرة واذا تبين بطلانها بعد العمل استحق الاجير اجرة المثل وكذا اذا فسخت الاجارة من جهة بعض الخيارات بالعقد.
حكم- اذا آجر نفسه للصلاة اربع ركع ما بين الزوال والغروب فتأخر حتى قرب الغروب بمقدارها وهو لم يصلِ فرضه قدم فرضه لاهمية صلاة المفروضة على النفس على ما وجب بالمعاملة وللمستأجر حق الفسخ بخيار تخلف شرط الوقت.

حكم- اذا انقض وقت الاجارة ولم يؤدي العمل فلا حق له ان يؤدي بعد الوقت الا باذن المستأجر, الا اذا لم يقيد بالوقت الا بنحو الافضلية والاستحسان فاذا تخلف بقيت الاجارة صحيحة ويجب العمل بها.
حكم- يجب تعيين المنوب عنه اجمالاً بحيث لا يشترك معه غيره ويكفي التعيين بنحو من قصده المستأجر او صاحب المال ونحو ذلك, ويجب ان يعرف الاجير كيفية العمل المطلوب وشروطه, واذا نسي بعض المستحبات او الاجزاء غير المبطلة للعمل نقص الاجرة المسماة الا اذا كانت الاجرة على تفريغ الذمة بدون شروط المستحبات والمحسنات فقد استحق الاجرة لو عمل الواجبات وشيئاً من الآداب والاذكار المستحبة.
حكم- لو اجر نفسه صلاة شهر ثم شك انه صلاة سفر او حضر ولم يمكن الاستعلام عمل بالمتعارف, ولو اجر نفسه لصلاة وشك انها الصبح او الظهر او المغرب فانها في عرض بعضها وليس الشك من باب الاقل والاكثر فالمفروض ان يحتاط ويؤدي ثلاثية ورباعية وثنائية.
حكم- اذا علم ان على الميت فوائت وشك انه اداها عنه او اداها الميت قبل الموت وجب ان يؤديها عنه استصحاباً لعلمه احتياطاً واي علاقة على الاداء يسقط عنه التكليف.


(1)الوسائل ب11 ح40 صفات القاضي.

(2)المستدرك ب13 ح6 النيابة عن الحج.

(3)الوسائل ب26 النيابة عن الحج.

(4)الوسائل ب26 النيابة عن الحج.

(5)الوسائل ب28 قراءة القرآن.

(6)الوسائل 21/2 المستحقين للزكاة.