الشرط الثاني: الاباحة:

حكم- يحرم الغصب وفيه اثم عظيم ولا دليل على بطلان الصلاة به اذ المالك ليس لديه فرق بين ان تصلي بلباسه ام لا تصلي, ولا تتعدى حرمة القرين الى قرينه, وان العلماء قد عدوا الاثم الى الصلاة لما علموا من عظم جريمة من يعيش باموال الناس فلم تقبل نفوسهم بتسمية هذا الغاصب انه مصلي ومتعبد لله تعالى فتوسعوا بمعنى الروايات مثل قول امير المؤمنين (ع) لكميل: (يا كميل انظر في ما تصلي وعلى ما تصلي ان لم تكن من وجهه وحله فلا قبول)(1), ومعلوم ان هناك افعال كثيرة مسقطة لقبول العبادات مما يعلم انه لم يقصد البطلان, مثل مضمون قولهم (ع): (من باتت وزوجها ساخط عليها فلا يقبل لها حرفاً ولا عدلاً) يعني لا صلاة ولا صوماً, (من استغاب بطل وضوءه), (من استغاب فقد افطر على الحرام) وهكذا خبر الجعفي: (لو ان الناس اخذوا ما امرهم الله به فانفقوه فيما نهاهم عنه فاقبله منهم ولو اخذوا مانهاهم الله تعالى عنه فانفقوه فيما أمرهم الله تعالى به ما قبله منهم)(2).

وانت خبير بأن التورط بالحرام الواقعي يبتلى به حتى المقدسين من الفضلاء والمتدينين مثل ما لو جاء احد من الحج ووزع ملابس او مسابح او محابس او غيرها وخجل من جماعة فوزع عليهم والآخذون تسامحوا فلم يحققوا ان العطاء من ارادته او من حيائه منهم وهذا كثير ما يقع وهو حرام يقيناً اذ المأخوذ حياءً كالمأخوذ غصباً.
وما رأينا عالماً قد عرف هذا من بعض خواصه او غير خواصه قداوه بإعادة الصلاة مع ان اللبس ليس عبادة حتى يحتاج الى القربة والامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده والخبران قاصرانسنداً ودلالة هذا والاحتياط لا يترك ان لا يرتكب الشخص بالغصب واستعماله وخصوصاً في عباداته وقربانه فيخسر الدنيا والآخرة ويلعنه الله لعن عاد وثمود ويفضحه الله بين الخلائق ويعسر حياته في الدنيا والآخرة واقرأوا على هذا الظالم: [وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى124](3), وقال تعالى: [إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا72](4).
حكم- اذا كان جاهلاً للغصبية او ناسياً صحت صلاته بالاتفاق ولو كان جاهلاً بالحرمة كبعض الاعراب او جاهلاً بالاثر الوضعي يعني البطلان بالصلاة بالمغصوب فكذلك حسب الظاهر, بل وكذا لو صرح المالك بتأثيمه بالغصب مع تصحيح صلاته به فقال انك آثم وضامن بغصبك وما أسألك عن صلاتك به فأنا راض بالصلاة, كذا اذا حصلت له شبهة فلم يتحقق لديه عنوان الغصب.
حكم- لا فرق في الغصب بين غاصب الملك او المنفعة كمن يؤجر ولم يسلمه للمستأجر فالمؤجر غاصب او استلمه غير المستأجر فالمنتفع غاصب المنفعة وكذا اذا استأجر عاملاً وعمل له ولم يعطه أجرته, وكذا اذا استفرد الشريك بالعقار او غيره المشترك ولم يعط حصص الآخرين والشركة حصلت بسبب ارث أو غيره, وخصوصاً اذا كان بعض الورثة قصر فانه يكون آكلاً حق اليتيم فيمكن عليه اللعنة والعذاب.
حكم- المغصوب اما باستعماله يتلف ولا يمكن ارجاعه او يرجع هالكاً وغير مرغوب مثل الصبغ به الثوب او الحائط, والخيط يخيط به الثوب والخشبة او الحديد وغيرهما يقطع ويصنع به أثاثاً وغيره فهذا يصح معه الصلاة لاعراض صاحبه عنه وهو أثم بالغصب والاستعمال وضامن للمثل او القيمة, هذا سواء أوجب الصبغ زيادة القيمة أم لا.
حكم- اذا غسل الثوب او غيره بماء مغصوب جاز لبسه واستعماله سواء جف ام لم يجف, واثمه بالغصب والاستعمال وليس بالثوب المغسول والرطوبة التي هي لا ينظر اليها بالحساب.
حكم- اذا علم او تذكر غصيبة ملبوسة في اثناء الصلاة وجب نزعه وعدم الاستمرار بالصلاة وان لم يستطع النزع الا بقطع الصلاة وجب قطعها وان لم يقطعها واستمر بها فهو آثم ولكن الصلاة صحيحة على ما رأينا.
حكم- ليس المناط في بطلان الصلاة لو قيل به او الاثم في المغصوب المحمول كونه يتحرك بحركات المصلي ام لا يتحرك كما ورد في العروة(5) فهذا القيد تبرعي لم نر عليه صحة.
حكم- اذا قهر على لبس المغصوب او اضطر اليه سقط الاثم وصحت الصلاة اتفاقاً وان كان التورط بسببه فالاثم على المقدمات الاختيارية.
حكم- اذا استقرض ثوباً وكان من نيته غصبه او عدم اداء اجرته او اداءها من الحرام عد بعض العلماء ذلك من المغصوب, وهذا التوجيه سائر في كل شيء, ففي الحديث (لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيبة نفسه)(6), وعن الامام الصادق (ع): (ايما رجل اتى رجلاً فاستقرض منه مالاً وفي نيته ان لايؤديه فذاك اللص العادي)(7), وعنه (ع): (من استدان ديناً فلم ينو قضاءه كان بمنزلة السارق).

حكم- الغاصب المصلي بالمغصوب اذا تاب وادى المغصوب الى مالكه او مثله او قيمتهبحيث اصله له بالمستقبل ولم يحل تصرفه الماضي لزم ان يرضيه عن تصرفه الماضي بأجرة او غيرها, وبهذا سقط عنه الاثم, واما صلاته فعند المشهور لا بد من القضاء وفي نظري انه ان كان عليه قضاء فقد سقط وكذا اذا رد عليه المثل او القيمة ولم يحاسبه المالك عن الماضي.


(1)الوسائل ب2 ح12 مكان المصلي.

(2)الوسائل ب2 ح12 مكان المصلي.

(3)سورة طه 20/124.

(4)سورة الاحزاب 33/72.

(5)مسألة (5) من شرائط اللباس.

(6)الوسائل ب3 ح5 مكان المصلي.

(7)الوسائل ب5 ح5 الدين والقرض.