ثانياً: صلاة المغرب والعشاء:

حكم- المشهور ان العشاء تختص بنصف الليل بمقدار ادائها بمعنى انه اذا بقي لنصف الليل من الوقت اربع دقائق مثلاً وكان هو لم يصل المغرب والعشاء وجب ان يقدم العشاء باعتبار ان له بمقدار اربع ركعات وهو مختص بالعشاء وبعضهم تسامحوا وقالوا لو بقي مقدار ثلاث ركعات وجب تقديم العشاء, فلو صلى المغرب ولم يقدم العشاء بطلت صلاته.
والظاهر ان هذا المصرح قد القى الكلام على عواهنه, فلنعرف من حضرته سامحه الله انه يستطيع ان يطبق هذا الالزام وانه اذا خالف بملاحظته دقائق قرب نصف الليل وزيادتها ونقيصتها كان قد بطلت صلاة المغرب او كلتا الصلاتين, فاذا استطاع التطبيق عليه وهو فقيه الامة طبقناها على عوام المساكين الذين يعملون في البر لا في البحر الذين ابتلوا وقلدوه.
هذا مع ملاحظة الاختلاف الشديد بالغروب الشرعي هل هو ذهاب الحمرة عن سمت الراس الى جهة المغرب او زوالها من تمام ربع الفلك من طف المشرق يعني كون الطرف يكون ظلاماً تاماً, كما احتاط في العروة وتبعه المعلقون,  والاختلاف الاشد بنصف الليل انه نصف ما بين الغروب وطلوع الفجر او نصف ما بين الغروب وطلوع الشمس كما قويناه.
حكم- نطالع في بعض الروايات ونراها هل تدل على وجوب تقديم العشاء في تضايق نصف الليل وانه لو قدم المغرب بطلت, ونحن لا نشك بحرمة تأخير الصلاتين الى نصف الليل اختياراً ولو فعل استحب عليه صيام اليوم بعده, منها: مرسل ابن فرقد عن ابي عبد الله (ع) قال: اذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب والعشاء الاخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي اربع ركعات واذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء الى انتصاف الليل)(1), وقد حكم بخروج وقت المغرب قبل نصف الليل بمقدار اربع ركعات.
2- وقد كرر في روايات كثيرة في ان امتداد وقت المغربين الى نصف الليل بدون ان يحكم بخروج وقت المغرب عند ضيق وقت نصف الليل بمقدار اربع ركعات فراجع(2), فلم يبق حديث يحكم بخروج وقت المغرب قبل نصف الليل بمقدار اربع ركعات الا مرسل ابن فرقد, في مقابل حديث ابن فرقد احاديث صحيحة تحكم بامتداد وقتهما الى طلوع الفجر, منها عن ابن زرارة عن ابي عبد الله (ع) قال لا تفوت الصلاة من اراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس(3), وعن ابي بصير عنه (ع) قال: ان نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء او نسي فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما فليصلهما وان خشي ان تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الاخرة(4) ومثله عن ابن مسكان ان قلت ان هذين الخبرين في حكم المعذور, قلت نعم ولكنهما يدلان على بقاء الموضوع وانما التعذير لاسقاط الاثم.
وأما صحيح عمار عنه (ع) فلعله يفرج عنا قال سألته عن الرجل تفوته المغرب حتى تحضر العتمة؟ فقال ان احضرت العتمة وذكر ان عليه صلاة المغرب فأن احب ان يبدأ بالمغرب بدأ وان احب بدأ بالعتمة ثم صلى المغرب بعد(5), وهذا الخبر انه شاذ ولا يخلو من اجمال, اذ حضور العتمة غير مبين معناه يعني دخول فضيلتها يعني بعد غياب الحمرة المغربية, وهذا لا يصدق اذ لا يقوم العشاء على المغرب حينئذٍ او يقصد ضيق وقت العشاء قبل الفجر وهو ايضاً لا يصدق لان الواجب عليه حينئذ تقديم العشاء وليس هو مخير, ولم يبق مما يؤيد قولنا الا انه يقصد ضيق وقت العشاء عن نصف الليل, وهو قولنا ان لا يلزم عليه تقديم العشاء وانما هو مخير بتقديم ايهما حتى يفوت ما قطع انه نصف الليل فيرجع لوجوب الترتيب فقدم المغرب. الى ان الضيق وقت العشاء قبل الفجر فيقدم العشاء لزوماً هذا هو ما ظهر لنا والله اعلم.


(1) الوسائل ب17 ح4 مواقيت.

(2) الوسائل ب10 ح4 و10 و ب16 ح24 و ب17 ح2 و3 و 6و 7و 8 و 11 و ب29 ح2 و 3 و 5و 6 و 8 و 9  مواقيت.

(3) الوسائل ب10 ح9   مواقيت.

(4) الوسائل ب62 ب3 و4 و 5  مواقيت.

(5) الوسائل ب62 ب3 و 4 و 5  مواقيت.