ثالثا: صوم النذر المعين

حكم- وقع الخلاف في كفارة حنث النذر وقد قلت في عدة من كتبي بان النذر والعهد واليمين حكمها واحد, والذين جعلوا النذر كافطار شهر رمضان توهموه من حديث جميل عن ابي عبد الله (ع) : سألته عمن جعل الله عليه ان لايركب محرماً سماه فركبه؟ قال (ع) : (لا ولا اعلمه الا قال فليعتق رقبة او ليصم شهرين متتابعين او يطعم ستين مسكيناً)(1), وهو كما ترى ان الراوي متردد ولم يبت بجواب الاام ولا كل الروايات مخالفة له فراجع صحيح ابن مهزيار (...شبعة مساكين) ومعلوم ان الشبعة تقال على التصغير اي جمع القلة, وصحيح الحلبي عن ابي عبد الله (ع) : (ان قلت لله عليّ فكفارة يمين)(2) وخبر حفص مثله.
وقد حمل مجموعة من الفقهاء بانه بمقدار كفارة اليمين على التقية وقدرهم صاحب منتهى المقاصد رحمه الله قائلاً: (واما ما احتمله بعضهم من حمل اخبار القول الثاني على التقية فغلط لان العامة كما سمعت من علم الهدى يذكرون الكفارة في المقام رأساً فالطائفتان جميعاً مخالفتان لهم)(3).
حكم- كفارة اليمين كما في الأية الكريمة [لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ...89](4) ومقصودها ان الحلف العفوي غير المقصود كما يكون كثيراً في المحادثات هذا لاشيء عليه وانما اذا قصدت في قلبك وعزمت على اداء شيء وحلفت بالله يميناً فاللازم ان تؤديه واذا حنثت اي لم تؤد فعليك كفارة مخيرة بين:

 

أ - اطعام عشرة مساكين كل مسكين اما ان تدعوه وتشبعه.

ب- واما تعطيه مداً من الطعام واذا زدته فافضل.

ج - او تكسيه بثياب كامل البدن اي طقم كامل من دشداشه اي ثوب طويل ساتر لكل البدن او من قميص وسروال الى عشرة فقراء.

د - او تعتق رقبة وهذا غير موجود في عصرنا يعني تشتري عبداً مؤمناً او امة مؤمنة وتعتقها اي تحررها عن العبودية, وبهذا انتهت خيارات التخيير فاذا عجزت اي لم تجد ثمن هذه الامور او لم تجدها نفسها.

هـ - فعليك بصيام ثلاثة أيام.

 

حكم- ورد انه يكتفي باعطاء مد عن كل يوم ويكمن ان تحمله على صورة العجز والفقر والعسر والحرج كما في الحديث قال (فعجز عن الصوم أو غير ذلك فمد للرجل في عمره وقد اجتمع عليه صوم كثير ما كفارة ذلك الصوم؟ قال الرضا (ع) : (يكفر عن كل يوم بمد حنطة او شعير)(5).
رابعاً: صوم الاعتكاف وكفارته
حكم- في الاعتكاف ان خالف العتكف فافطر باي المفطرات فان عليه الكفارة احتياطاً اذا تعين واما لو لم يتعين فلا كفارة فيه اذ انه يستطيع ان يبدله بايام اخرى, وكيف كان فالمضطر في الاعتكاف عليه كفارة صغرى مثل المفطر في قضاء شهر رمضان في بعد الظهر لاصالة عدم الزيادة, واما المفطر في الاعتكاف النذور المعين فعليه كفارة حنث النذر الا اذا افطر بالجماع فان عليه كافطار يوم من شهر رمضان فان جامع في الليل فكفارة وفي النهار فكفارتان واحدة للصوم والاخرى للاعتكاف وهي مخيرة بين صوم ستين او اطعام ستين, والافضل جعلها مثل كفارة الظهار اي تكون مرتبة اولاً يصوم ستين يوماً وان لم يستطع فاطعام ستين مسكيناً كما في سورة المجادلة [وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 3 فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا4](6).
حكم- لا كفارة في الافطار في النذر غير المعين ولا في صوم الكفارة اذا فطر وانما يبدل ما بدل يوم نعم اذا صام بعض الايام للكفارة ذات الشهرين ولم يكمل الشهر فان عليه ان يستأنف حساب الايام بالصيام من رأس, واذا صام شهراً ويوم فيجوز له في الشهر الثاني ان يفطر ويفرق الايام.
حكم- اذا كرر الافطار في شهر رمضان في يوم واحد فلا تتكرر الكفارة الا اذا كرر بعد التكفير احتياطاً ان يكرر الكفارة لان حكمة تشريع الكفارة انها اعلان لتوبة العاصي فيقض الصيام الذي افطره ويكفر عن ذنبه فاذا تمادى بغيه وافطر من بعد التكفير فقد سقط حرمة تكفيره الاول فعليه ان يجدد التوبة ويغرم ثانياً وهكذا وهذا هو الاحوط لزوماً.
حكم- اعتمد في العروة ومجموعة من الفقهاء ايدهم الله تعالى على روايات ضعيفة سنداً تقول بتكرار الكفارة بالجماع المكرر في يوم واحد والعمل بها هو الاحوط ولا يترك الاحتياط.
حكم- قلنا بان الافطار بالمحرم يوجب الكفارة الكبرى اي صيام شهرين واطعام ستين مسكين بشرطين الاول ان يكون المحرم مادة كالزنا وشرب الخمر لا احوالاً كبلع النخامة والكذب على الله اذ اصل البلع حلال واصل الاخبار حلال والاستنماء اذ أصله حلال وجماع الحائض اذ اصل الجماع حلال وانما جاء الحرمة من حال الحيض وكذا مثل شرب النجس والاكل المغصوب, وثانياً ان لم يكن منصوصاً عليه كبلع الغبار والكذب على الله والاستمناء فلا كفارة بالغبار ولا بالكذب وكفارة واحدة في الاستمناء كما مر.
حكم-

 

أ - اذا افطر على حلال وعلى حرام فتكررها للحرام كاف عن الحلال.

ب - واذا علم فساد الصوم وشك انه استعمل ما يوجب الكفارة او القضاء فقط بنى على الاقل وهو القضاء فقط.

ج - ولو شك انها الكبرى اي الجامعة للاطعام والصوم ام الصغرى بنى على المتحدة.

د - واذا شك بعدد الايام بنى على الاحتمال الاقل.

هـ - واذا شك انها كفارة شهر رمضان او قضائه بنى على قضائه لانها اقل.

و - واذا شك افطار قضاء رمضان انه كان بعد الظهر أو قبله بنى على عدم الكفارة.

 

حكم- اذا افطر متعمداً ثم سافر لم تسقط الكفارة وان كان يفطر في السفر وكذا اذا سافر قبل حد الترخيص عامداً عالماً, نعم اذا افطر ثم وقع مبطل للصوم غير اختياري كتبين كونه ليس من رمضان وانما من شعبان او من شوال, وكالحيض والنفاس والجنون والاغماء او المرض الموجب للافطار وبذلك تسقط الكفارة.
حكم- اذا افطر مستحلاً فهو كافر مرتد عن الاسلام يستتيبه الحاكم الشرعي ان وجد حاكم شرعي عادل ومتصدي, وان تاب او لم يتب فلا يقتل لما سيأتي ان شاء الله في باب الحدود وتشكيل الحكومة وانه لا يجوز القتل في المعاصي في حق الله, وانما يقتل المفسدون الذين تصدوا لقتل الناس وقطع السبيل, نعم لا بأس باقامة التعزيرات التأديبية وكذا اذا افطر عاصياً غير مستحل يعزر شرعاً بما يراه الحاكم الشرعي اذا وجد ولا يقتل في الرابعة ولا العاشرة.
حكم- اذا اكره زوجته على الجماع فعليه كفارتان وتعزيران عنه وعنها واذا اكرهت ثم رضيت قيل بعدم سقوط الكفارتين والتعزيرين عنه ويزيد تعزير لها وكفارة لرضائها الاخير واذا اكرهها على الجماع وهو مفطر افطاراً شرعياً قالوا لا يتحمل عنها الكفارة ولا التعزير فلا كفارة عليها ولا تعزير وانما تقضي يوم بدل يومها ومعلوم انها تبقى ممسكة يومها.
حكم- اذا اكرهها وهي نائمة فلا يبطل صومها ولا كفارة ولا تعزير وانما هو يبطل صومه وعليه تعزيره وكفارته اذا كان صائماً واذا لم يكن صائماً احتمل في العروة جواز جماعه بالجنابه الصائمة لعدم بطلان صومها وهو بعيد فان الاحوط حرمة عمله.
حكم- اذا كان مفطراً افطاراً شرعياً وهي صائمة فجامعها بدون اكراه فعليها تعزير وقضاء واثم وكفارة واذا كانا صائمين واكرهته على الجماع فلا كفارة عليه وانما يقضي يوماً بدل يوم وعليها تعزيرها وكفارتها, واذا جامعته وهما صائمان وهو نائم فلا يبطل صومه وهي عليها كفارتها وتعزيرها.
حكم- إذا اكرههما شخص ثالث على الجماع وهما صائمان فتجامعا فلا كفارة عليهما ولا تعزير وانما يقضيان بدله.
حكم- اذا عجز عن صيام الكفارة وعجز عن صدقتها فان قدر على صيام ثمانية عشر يوماً فعل او يؤدي شيئاً من الصدقة فعل والا استغفر الله تعالى وسقطت الكفارة فلا يجب بذلها اذا استطاع بعد ذلك.
حكم- يجوز التبرع بالكفارة عن الحي وعن الميت كما في خبر عن عبد الله بن جندب قال: كتبت الى ابي الحسن (ع) اسأله عن الرجل يريد ان يجعل اعماله من البر والصلاة والخير اثلاثاً ثلثاً له وثلثين لابويه او يفردهما من اعماله بشيء مما يتطوع به وان كان احدهما حياً والآخر ميتاً, فكتب اليَّ: (أما الميت فحسن جائز واما الحي فلا الا البر والصلة)(7) يعني اجاز التبرع المالي عن الحي ولم يجز العبادة العملية عن الحي.
حكم- اذا لم يؤد الكفارة او القضاء عدة سنين فلا تتضاعف ووجوب الكفارة موسع فلا يجب المبادرة ولكن لا يستخف به ويتهاون.
حكم- مصرف الكفارة الفقراء اما باشباعهم او بتسليم مد اليهم مما يشبع الجائع [مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ89](8), من الخبر وبعض الادام العالي

كاللحم او النازل كالجبن او اللبن او الزيت او الخل واذا بذل الخبز وحده فجائز واذا بذل الادام وحده كالخل او اللبن او الحليب او الجبن او الفاكهة او الزعتر فمشكل لانها لا تشبع فالمشبعات الخبز والرز والبرغل والهريسة وهو الحنطة باي شكل وباي تسمية قد طبخت لانها مشبعة.

حكم- لا يكفي اشباع الرضيع ويجوز اعطاء وليه ثمن مد من الطعام ليشتري طعاماً له حتى يأكله عدة مرات, نعم يكفي اشباع الصغير غير الرضيع اذا كان اكله لا يقل عن مد ولا يكفي بذل المال الا ان يشتري به طعاماً.


(1) الوسائل ب23 ح7 و4 و8 الكفارات.

(2) الوسائل ب23 ح7 و4 و8 الكفارات.

(3) فقه السيد الشيرازي ح35/141.

(4) سورة المائدة 5/89.

(5) الوسائل ب15 ح1  الصوم الواجب.

(6) سورة المجادلة 58/3 – 4.

(7) الوسائل ب12 ح16 قضاء الصلوات.

(8) سورة المائدة 5/89.