20- وصيَّتي في الشعائر الحسينية:

1- نقول لبيان أسباب وعلل تأخر حدوث هذه الشعائر عن زمن الأئمة:

أن في زمن الأئمة كان الشيعة يقتلون تحت كل حجر ومدر، وكان الشيعي لو عرف بالزندقة أهون عليه من أن يعرف بالتشيع سواء عند الناس أم عند الحاكم والقضاة، ولذا عاش كل الأئمة في تقية وظلم وتعسُّف من الحكام ولا مدافع لهم ينصرهم وقد سجنوا وسمِّموا.
وكانت دعايات الحكام الظالمين بحق أهل البيت(ع) مطلية على الأغبياء وهم أكثر الناس واشتدت قساوة الحكام بحق أهل البيت حتى أنه لما قتل الإمام الكاظم(ع) نودي على جنازته بأخبث النداء، وما كان الشيعة قادرين على تخليص الجنازة والنداء عليها بالمناسب حتى نزل سليمان عم هارون الرشيد فأمر بالنداء الحسن عليها فتشجّع المؤمنون وانفرج لهم الأمر بشيء من الظهور، إذ كان النداء (هذا إمام الرافضة........ موسى بن جعفر).
فلما نزل سليمان خالف النداء قائلا: (هذا الإمام بن الإمام الطيب بن الطيبين موسى بن جعفر(ع) ).
فحصل بذلك شيء من الوعي بحقِّية أهل البيت وأنهم طيبون.
وهكذا قسوة المتوكل العباسي إذ تأسف بأنه لم يشترك بقتل الحسين فهدم قبره ومنع زيارته، وذلك أنه كانت قد غابت إحدى جواريه ثم حضرت فسألها فقالت أنها كانت في الحج فقال إنه ليس هذه أيام حج قالت أعني حج قبر الحسين(ع) فتعجب أنه في قصره يوجد من الشيعة وأنها لم تكتفِ بالزيارة حتى سمتها حجاً فأمر بقتلها وضيَّق على الزوار بضرائب ثقيلة فتسامع الناس أمر الضريبة والإنسان حريص على ما منع فتكاثر الزوار وصار يطلب الزيارة العارف بأهل البيت وغير العارف فزاد الضريبة بقطع الأيادي فزاد الناس وتعارف تولي أهل البيت أكثر فزاد بقتل شخص من بين مجموعة فأفدى جماعة كثيرة أنفسهم، فأمر بإخراج جثة الإمام(ع) فلما حفروا خرجت نار ودخان أعمت بعضهم وأماتت آخرين فأمر بحرث الأرض وإجراء الماء فحار الماء حول القبر ولم يصل الى القبر فرأى الناس المعجزة وسمي الحائر الحسيني، وبدأ تعارف زيارة الإمام الحسين(ع) وقتل الله المتوكل ووزراءه على يد ولده الواثق وهم يحتسون الخمر، وإن كانت زيارة الإمام الحسين(ع) متعارفة من قبله بسبب الإصرار من أهل البيت(ع) على الناس بأن يزوروا حتى روي أن سائلا سأل الإمام الصادق قائلاً: (إن بيننا وبين زيارة جدك الحسين لبحراً وربما تنكفئ بنا السفن في البحر).
فقال(ع): لا بأس فإنها إن انكفأت انكفأت في الجنة).
فعدم ظهور الشعائر الحسينية في زمان الأئمة إنما هو لوجود المانع لا لعدم المقتضي، مثل ذكر أمير المؤمنين في الآذان والإقامة وفي التشهد والتسليم مع وجود روايات من الإمام الرضا(ع) والإمام الصادق(ع) وغيرهما عليهم السلام، وإلا لو ظهر التصريح من الأئمة بذكر الولاية أو بشق الجيوب وتجريح البدن على الإمام الحسين لحكم الحكام بكفر الإمام الذي ينقل ذلك ولعذر الناس حكامهم من قتل الأئمة
وفي حياة السيّد المرتضى علم الهدى والشيخ الطوسي والشيخ المفيد، كان الأمر أهون قليلاً ومما يروى أنه كان جماعة في شمال العراق يحتفلون يوم عاشوراء بعيد الانتصار ويمثلون ببعض الحيوانات…
ووصل الخبر إلى العلماء الثلاثة وغيرهم، فدعوا جماعة من أهل تلك القرى واسمعوهم عن شخصيّة الإمام الحسين(ع) ومظلوميته وأخرجوا المواكب باللطم والعزاء فشارك الضيوف في كل ذلك واقتنعوا بلزوم الحزن والعزاء للإمام(ع)، وتركوا السخرية بثورة الإمام(ع) وبدأت الشعارات من ذلك الحين مدعومة بعدّة من الأحاديث والحوادث ومنها أن زينب(ع) قد ضربت رأسها بالمحمل حتى بان الدم من خلف الستار، ومنها أن التوابين ضربوا رؤوسهم ثم خرجوا لقتل قتلة الإمام الحسين(ع)، ومنها أن الإمام زين العابدين بكى حتى جرى الدم مع الدمع من عينيه وخدوده.
ومنها مخاطبة الإمام الحجّة(ع) (يا جدّاه لأن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرتك المقدور لأندبنك صباحاً ومساءاً ولأبكين عليك بدل الدموع دماً).
ومنها قول الإمام الصادق(ع) (وعلى مثل الحسين ع فليبكِ الباكون وليندب النادبون ولتذرف الدموع دماً).
وفي دعاء الندبة: فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي ـ صلى الله عليهما وآلهما ـ فليبكِ الباكون وإياهم فليندب النادبون ولمثلهم فلتذرف الدموع وليصرخ الصارخون ويضج الضاجون…). وقد كتبت كتاباً مفصّلاً في شعائر الإمام الحسين(ع) (نظرتنا الفقهيّة في الشعائر الحسينيّة).
ولا بأس بذكر بعض فصول المقتل الشريف حتّى نكون مشاركين عمليّاً في أداء هذه الشعيرة المقدّسة وذكر بعض فضائل أهل البيت(ع) وخصوصاً الحسن والحسين.
1- ذكر في الصواعق المحرقة ص196 عن الحاكم الحسكاني بطرق متعددة عن النبي 4 وسلّم قال: (قال جبرئيل: قال الله تعالى: إني قاتل بدم يحيى بن زكريّا سبعين ألفاً وإني قاتل بدم الحسين بن علي سبعين ألفاً).
2- عن البخاري عن ابن عباس أنه سأل النبي عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه ؟ فقال: 4 سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين فتاب عليه) تفسير الدار المنثور ج1 الآية.
3- وعن النبي ابراهيم(ع) أيضاً: ((وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)) الزخرف.
ففي المناقب عن النبي(ص) (قال هي الإمامة في عقب الحسين ع يخرج من صلبه تسعة من الأئمة منهم مهدي هذه الأمة) تفسير الصافي.
وعن ثابت الشمالي عن علي بن الحسين(ع) قال: (جعل الإمامة في عقب الحسين ع إلى يوم القيامة) ينابيع المودة ص117.
4- وفي قوله تعالى: ((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (19) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (20)) الرحمن.
عن سلمان الفارسي: أن البحرين علي وفاطمة والبرزخ محمد 4 واللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين)عن الصافي والدر ونور الأبصار.
5- وعن سورة الفجر:
عن الصادق(ع): (اقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فإنها سورة الحسين بن علي من قرأها كان مع الحسين يوم القيامة في درجته في الجنّة) الصافي.
8- وعن ابن عباس وعن الصادق(ع): أن الحسين ع لمّا ولد أمر الله جبرئيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنون رسول الله من الله تعالى ومن جبرئيل قال فهبط جبرئيل فمرَّ على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له فطرس كان من الحملة فبعثه الله في شيء فأبطأ عليه فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة فعبد سبعمائة عام حتى ولد الحسين(ع) فقال الملك لجبرئيل أين تريد قال: إن الله عز وجل أنعم على محمد بنعمة فبعثت أهنيه من الله ومني فقال يا جبرئيل احملني معك لعل محمد يدعو لي فحمله فلما دخل جبرئيل على النبي 4 هنأه من الله ومنه وأخبره بحال فطرس فقال له النبي تمسّح بهذا المولود وعد إلى مكانك قال: فتمسّح فطرس بالحسين(ع) وارتفع. مناقب بن شهر أشوب ص8..
6- وعن يعلى بن مرة قال: (قال رسول الله 4 حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا).عن صح الترمذي 3 ص34..
7- قال النبي لحذيفة (أما رأيت العارض الذي عرض لي قبل ذلك هو ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه عز وجل أن يسلّم عليّ ويبشرني أن الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة وأن فاطمة الزهراء سيّدة نساء أهل الجنّة) الصواعق المحرّمة 189 عن أحمد والترمذي والنسائي وابن الجبان.
8- عن أبي هريرة قال: قدم راهب فقال: دلّوني إلى منزل فاطمة قال: فدلّوه عليها فقال لها: يا بنت رسول الله 4 أخرجي إليّ ابنيك فأخرجت إليه الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويبكي ويقول اسمهما في التوراة شبر وشبير وفي الإنجيل طاب وطيب ثم سأل عن صفة النبي فلما ذكروه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله 4 . عن المناقب ص43.
9- وعن النبي 4 (قال: من أحب أن ينسأ أي يؤخَّر من أجله وأن يمتّع بما خوّله الله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة فمن لم يخلفني فيهم بتر عمره وورد عليّ يوم القيامة مسوداً وجهه) عن الصواعق المحرقة 184.
وفيه أيضاً حديث آخر : (يا أيها الناس إن الفضل والشرف والمنزلة والولاية لرسول الله وذريته فلا تذهبن بكم الأباطيل)الصواعق 174
أقول عجيب عليك يا صاحب الصواعق المحرقة كيف تروي روايات كثيرة في ولاية أهل البيت بعد الرسول لهم دون غيرهم وأنت توالي أعدائهم وقتلتهم أمثال معاوية وبقية بني أمية؟!
10- عن طاووس اليماني أن الحسين بن علي كان إذا جلس في المكان المظلم يهتدي إليه الناس ببياض جبينه ونحره فإن رسول الله 4 كان كثيراً ما يقبل جبينه ونحره وإن جبرئيل ع نزل يوماً فوجد الزهراء نائمة والحسين في مهده يبكي فجعل يناغيه ويسليه حتى استيقظت فسمعت صوت من يناغيه فالتفتت فلم تر أحداً فأخبرها النبي أنه كان جبرئيل(ع). بحار الأنوار 1.ص142.
11- أقول ولذا قال الشاعر أبو نؤاس حين سئل أنه لماذا لم تمدح الإمام الرضا(ع) حين تولّى ولاية العهد فقال:

قيل لي أنت أشعر النــاس

 

طراً في قصيد من الكلام البديه

فلماذا تركت مدح ابن موس

 

والخصـال التي تجمـعن فيـه

قلت لا أستطيع مدح إمـام

 

كان جبريـل خـادماً لأبـيه

12- عن أبي هريرة عن أمير المؤمنين(ع) أن الحسن والحسين كانا يلعبان عند النبي 4 حتى مضى عامة الليل ثم قال لهما: انصرفا إلى أمكما فبرقت برقة من السماء فما زالت تضيء لهما حتى دخلا على فاطمة والنبي 4 ينظر البرقة وقال: الحمد لله الذي أكرمنا أهل البيت) مناقب4 ص38.
13- (روي أن آدم(ع) لما أهبط إلى الأرض لم ير حواء فصار يطوف في طلبها فمر بكربلاء فاغتم وضاق صدره من غير سبب وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين(ع) حتى سال الدم من رجله فرفع رأسه إلى السماء وقال إلهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به فإني طفت الأرض وما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض فأوحى الله إليه يا آدم ما حدث منك ذنب ولكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين(ع) ظلماً فسال دمك موافقة لدمه، فقال آدم يا رب أيكون الحسين نبياً ؟ قال:لا، ولكنّه سبط النبي محمد 4 فقال: ومن القاتل له ؟ قال تعالى: قاتله يزيد لعين أهل السماوات والأرض، فقال آدم: أي شيء أصنع يا جبرئيل فقال: العنه يا آدم فلعنه أربع لعنات ومشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حواء هناك) بحار الأنوار- مقتل الحسين.
14- (روي أن نوحاً لما ركب في السفينة طافت به جميع الدنيا فلمّا مرّت بكربلاء اضطربت السفينة وخاف نوح الغرق، فدعا ربه وقال إلهي طفت جميع الدنيا وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض ؟ فنزل جبرئيل(ع) وقال يا نوح في هذا الموضع يقتل الإمام الحسين(ع) سبط محمد خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فقال: ومن القاتل له يا جبرئيل، قال: قاتله لعين أهل سبع سماوات وسبع أرضين فلعنه نوح أربع مرّات فسارت السفينة حتى بلغت الجودي واستقرّت عليه) بحار 1.ص156.
15- (إن إبراهيم(ع) مرَّ في أرض كر بلاء وهو راكب فرساً فعثرت به وسقط إبراهيم وشج رأسه وسال دمه فأخذ في الاستغفار وقال: إلهي أي شيء حدث منّي ؟ فنزل إليه جبرئيل وقال: يا إبراهيم ما حدث منك ذنب، ولكن هنا يقتل سبط خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فسال دمك موافقة لدمه، قال: يا جبرئيل ومن يكون قاتله ؟ قال لعين أهل السماوات والأرضين، والقلم جرى على اللوح بلعنه فرفع إبراهيم يديه ولعن يزيد لعناً كثيراً) بحار1 ص156.
في صبح عاشوراء:
16- (لما أصبح الإمام الحسين(ع) في يوم عاشوراء نظر إلى القوم وقد زحفوا إليه فدعا براحلته فركبها، وأقبل على القوم وقد نادى بأعلى صوته: أيها الناس أنصتوا إليّ ولا تعجلوا، فأنصتوا فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه ثم قال: يا أيها الناس انسبوني من أنا ثم راجعوا أنفسكم هل يحل لكم قتلي، ألست أنا ابن بنت نبيكم وابن صفيّه أول المؤمنين والمصّدق بالله ورسوله بما جاء به من عند الله تعالى ؟ أليس حمزة سيد الشهداء عم أبي ؟ أو ليس جعفر الطيار في الجنّة عمي ؟! أوما بلغكم قول جدي لي ولأخي الحسن هذان سيدا شباب أهل الجنّة ؟ وقال: إني مخلِّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ؟ فإن صدقتموني وهو الحق وإلا فاسألوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنس بن مالك إنهم سمعوا ذلك من جدي رسول الله 4 وسلّم. مقتل أبي محنف 54.
17- ومن خطبة الإمام زين العابدين(ع) في مجلس يزيد بالشام وقد مرّ بعضها (أيها الناس أعطينا ستاً وفضّلنا بسبع…).
(أيها الناس أنا ابن المقتول ظلما أنا ابن المحزوز الرأس من القفا أنا ابن العطشان حتّى قضى أنا ابن الطريح بكربلاء أنا ابن مسلوب العمامة والردا أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهوا أنا ابن من رأسه على السنان يهدى أنا ابن من حرمه من العراق إلى الشام تسبى أنا ابن صريع كربلاء أنا ابن من راحت أنصاره تحت الثرى أنا ابن من ذبحت أطفاله وضمخت بالدما أنا ابن من أضرموا النار في خيامه لظى أن ابن المطروح بلا غسل ولا كفن يرى ولم يزل يقول: أنا أنا حتّى ضجَّ الناس بالبكاء وعلت الأصوات. رياض القدس2 ص 329.
18- وفي الكوفة: (ثم أدخلت زينب(ع) في مجلس ابن زياد فجلست ناحيّة وقد حفّ بها إماؤها وفتياتها، فقال ابن زياد لها ((الحمد الله الذي فضحكم وقتلكم فقالت زينب(ع) الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد 4 وطهّرنا من الرجس تطهيراً، إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو أنت يا عدو الله وعدو رسوله فقال لها: كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين وأهل بيته المردة؟ فقالت: ما رأيت إلا جميلاً أولئك قوم كتب الله عليهم القتال فبادروا بأمر ربّهم وبرزوا إلى مضاجعهم فقاتلوا ثم قتلوا في الله وفي سبيل الله وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج ثكلتك أمك يا بن مرجانة فاستعد للمسألة جواباً وإن القاضي هو الله والخصم جدي رسول الله 4 والسجن جهنّم) ينابيع المودة ص351.
19- وفي مخاطبة يزيد لسكينة وعمرها ثلاث سنوات أو نحوها قال: ( ثم رفع رأسه إلى سكينة سلام الله عليها وقال لها يا سكينة إن أباك نازعني سلطاني وأراد قطع رحمي، فبكت وقالت لا تفرح يا يزيد بقتل أبي فإنه كان عبداً لله ودعاه إليه فأجابه وسعد بذلك، وأما أنت يا يزيد فاستعد لنفسك جواباً) أبو مخنف 13..
20- وهذه سكينة هي التي رآها الحسين(ع) منكسرة باكية عندما جاء إلى الخيام في الوداع الأخير فجلس على الأرض ومسح دموعها وأجلسها في حجره ومسح رأسها ولسان حاله يقول:

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي            منك البكاء إذا الحمام دهاني
لا تحرقي قلبي بدمعك حسـرة             ما دام مني الروح في جثماني
فإذا قتلت فأنـت أولى بالذي             تأتيـنه يا خيرة النسـوان

وقالت له: يا أبتاه ردّنا إلى وطن جدّنا رسول الله 4 !
فقال: هيهات يا بني لو ترك القطا لغفا ونام.
21- في يوم مقتل الحسين رأى ابن عباس النبي 4 في نصف النهار أشعثاً مغبراً بيده قارورة فيها دم يلتقطه فسأله فقال: دم الحسين وأصحابه فسأل عنه حتى علم بمقتله بذلك اليوم وهو عاشر محرم 61هجري وعمر الإمام 57 سنة. عن ينابيع المودّة32..
22- (روى الترمذي وغيره عن ابن زياد أنه ضرب بقضيبه شفتي الإمام الحسين(ع) وكان عنده زيد ابن أرقم فقال له: (ارفع قضيبك فو الله لطالما رأيت رسول الله 4 يقبل هاتين الشفتين وبكى فاغلظ له ابن زياد)وقال لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك فأغلظ له زيد وكان في المجلس رسول قيصر الروم فقال متعجّباً: أن عندنا في خزانة دير، حافر حمار عيسى بن مريم ونحن نحج إليه كل عام من الأقطار ونعظمه كما تعظمون كعبتكم فأشهد أنكم على باطل).رسالة الصبان ص19..
23- عن نصرت الأزديّة لمّا قتل الإمام الحسين(ع) بن علي أمطرت السماء دماً فأصبحنا وجبابنا و جرارنا مملوءة دماً.
وحكى ابن عينيه أن السماء احمرّت لقتله وانكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النهار وظن الناس أن القيامة قد قامت ولم يرفع حجر في الشام إلا رؤى تحته دم عبيط. الصواعق المحرقة 192.
24- وعن ابن الجوزي، عن ابن سيرين (أن الدنيا أظلمت ثلاثة أيام ثم ظهرت الحمرة في السماء وقال أبو سعيد ما رفع حجر من الدنيا إلا وتحته دم عبيط ولقد أمطرت السماء دماً بقي أثره في الثياب مدة حتّى تقطّعت).
وفي رواية أنه مطر كالدم على البيوت والجدران بخرا سان والشام والكوفة وأنه لمّا جيء برأس الحسين إلى دار ابن زياد سالت حيطانها دماً. الصواعق 192.
25- وأخرج الثعلبي: (أن السماء بكت وبكاؤها حمرتها) وقال غيره: (احمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله ثم لا زالت الحمرة ترى بعد ذلك).
26- وعن ابن سيرين قال: (أخبرنا أن الحمرة التي مع الشفق لم تكن قبل مقتل الحسين وذكر ابن سعيد أن هذه الحمرة لم تر في السماء قبل قتله، قال ابن الجوزي وحكمته أن غضبنا يؤثر في الوجه والحق تنـزه عن الجسميّة فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق إظهاراً لعظم الجناية) الصواعق 192.
27- وقال عبد الله بن عباس: حدثني من شهد الواقعة أن فرس الحسين جعل يحمحم ويتخطى القتلى في المعركة قتيلاً بعد قتيل حتى وقف على جثة الحسين(ع) فجعل يمرغ ناصيته بالدم ويلطم الأرض بيده ويصهل صهيلاً حتى ملأ البيداء فتعجب القوم من فعاله، وفي خبر أن أصحاب بن سعد قاوموه فقتل منهم جماعة كثيرة.
28- وفي البحار (أن طيراً من الطيور قصد مدينة الرسول وجاء يرفرف والدم يتقاطر من أجنحته ودار حول قبر الرسول 4 يعلن بالنداء إلى قتل الحسين بكربلاء إلى ذبح الحسين بكربلاء، فاجتمعت الطيور عليه وهم يبكون فلمّا رأى أهل المدينة الدم من الطيور والأصوات الحزينة، وجاء بعد ذلك خبر مقتل الإمام الحسين(ع) علموا بأن هذه الطيور كانت تنوح على الحسين(ع) وتخبر رسول الله بقتل ابن فاطمة البتول وقرّة عين الرسول 4 ). بحار مقتل الإمام 241.
29- وعن الصادق(ع) (وكّل الله بالحسين(ع) بن علي سبعين ألف ملك يصلّون عليه كل يوم شعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شاء الله ).
وعنه (عند قبر أبي عبد الله أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة) بحار.
30- وعن كفر ولعن يزيد:
وعن صالح بن أحمد بن حنبل قال قلت لأبي أن قومنا ينسبونا إلى تولي يزيد فقال: يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله، ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه فقال: في قوله تعالى((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (22) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (23)) سورة محمد.
فهل يكون فساد أعظم من القتل. صواعق22..
31- وعن القاضي أبي يعلى حديث (من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) ولا خلاف في أن يزيد غزا المدينة بجيش وأخاف أهلها ووقع من ذلك الجيش من القتل والفساد العظيم والسبي وإباحة المدينة حتّى لقد فضَّ نحو ثلاثمائة بكر وقتل من الصحابة ومن قراء القرآن نحو سبعمائة نفس وأبيحت المدينة أياماً وبطلت الجماعة في المسجد النبوي أياماً واختفت أهل المدينة أياماً فلم يمكن أحد دخول المسجد حتّى دخلته الكلاب والذئاب وبالت على منبره…)، ثم سار جيشه هذا إلى قتال ابن الزبير في مكّة فرموا الكعبة بالمنجنيق وأحرقوا بالنار ما في المسجد، (فأي شيء أعظم من هذه القبائح التي وقعت في زمنه ناشئة وهي المصداق للحديث السابق لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتّى يثلمه رجل من بني أميّة يقال له يزيد) الصواعق المحرقة ص22..
32- وقال نوفل بن الفرات: (كنت عند عمر بن عبد العزيز، فذكر رجل يزيد، فقال: قال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، فقال تقول: أمير المؤمنين فأمر به فضرب عشرين سوطاً). صواعق 219.
33- ومما يدل على صريح كفره قول السبط بن الجوزي وغيره (المشهور أنه لما جيء برأس الحسين(ع) جمع أهل الشام وجعل ينكت الرأس الشريف(شفتي الإمام الحسين(ع) )، بالخيزران وينشد أبيات ابن الزبعرى (ليت أشياخي ببدر شهدوا…).
الأبيات المعروفة وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر وهي:

لست من خندف إن لم أنتقم               من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالمـلك فـلا                خبر جـاء ولا وحي نزل
الصواعق المحرقة 325.
34- وعن الإمام الصادق(ع) (إذا رأيتم الخمر فالعنوا يزيد) فإنه لمّا جيء برأس الإمام الحسين(ع) وضعه في طشت ونصب عليه طاولة الشطرنج وصار يلعب الشطرنج ويشرب الخمر ويمجّه بوجه الإمام الحسين(ع).
35- روي عن غاندي محرر الهند قوله (تعلمت من الحسين أن أكون مظلوماً فأنتصر).
وقال الشاعر: (زعموا بأن قتل الحسينَ يزيدهم               كلاّ لقد قتل الحسينُ يزيداً)