ومن قصص و حوادث هذا الباب:

  1. أن تاجراً محترماً كان له ولد معاند لا يحب سماع الموعظة فلما حضر التاجر الوفاة دعا ولده و قال له إنك مغرور و إن أصدقاءك سوف يتلفون عليك تجارتك و كل ما تملك ويفقرونك ثم يهجرونك و ربما يقتلونك وإنك لا تسمع مني نصائحي و لكن أوصيك بوصايا بعد موتي و بعد ما تتيقظ من غفلتك فاعمل بوصاياي:

أولاً ـ عليك بصديقي فلان فإنه عارف و مؤمن و هو عاقل و تقي و حريص على نفعك ودفع الضر عنك.
ثانياً لا تتكبَّر على أي وظيفة و خدمة لتحصيل رزقك من العمل الحلال.
و ثالثاً لا تحتقر الناس و خصوصاً الفقراء وإذا دعوك فأجب دعوتهم.
ورابعاً - كن نشطاً مخلصاً في العمل للناس حسن الأخلاق و السيرة.
وخامساً إذا رأيت زلةً و ذنباً من أحد فلا تفضحه و استر عليه يستر الله عليك.
وسادساً _ توكل على الله في كل شؤونك و اطلب منه العون والهداية، ومات الرجل فالتف أبناء الشارع وأصدقاء السوء حول صاحبهم واشتغلوا بالفسق حتى أتلفوا أمواله فأكلوه لبّاً وطرحوه قشراً فارغاً و تركوه فتيَّقظ من غروره و أحس بأهمية نصيحة أبيه فرجع إلى صديقه ليسأله ماذا يفعل فأمره بالسفر و تعاون معه على ذلك فلما نزل في البلاد الأخرى تحيَّر ماذا يعمل وكيف يعيش, فجلس في مقهى إلى الليل و بعد ذلك سأله صاحب المقهى عن عمله وقصَّته فأخبره بجميع ما وقع فيه فطلبه للعمل عنده في المقهى فقبل العمل و أخذ يوِّزع الشراب وما شابه للحاضرين وإذا به يرى أن المقهى لطبقة رفيعة المستوى من وزراء وما شابه و هم قد أحبوه لحسن أخلاقه ونشاطه و نظافته فطلبوه للخدمة في قصر الملك فقبل ذلك ثم اطَّلع على خيانة الوزير في بيت الملك فلم يقل شيئا و لكن الوزير أصرَّ أن يقتله لأنه اطَّلع عليه فأخبر الوزير الملك بأن فلان الخادم يخونك في بيتك و اقنعه على ذلك فاتفقا على قتله بأن يحفر له حفرة خارج البلد و يدفنه حتى لا يحس أحد بالعمل فأمر الوزير العمال بالحفر ثم قال لهم أنه اذا أكملتم الحفر فإذا جاءكم شخص يسألكم شيئاً فادفنوه حتى لو كنت أنا و أعطاهم على ذلك المال و أمرهم بكتمان السر فأرسلوا الخادم إلى العمال ليسألهم عن العمل فتوجَّه الخادم مسرعاً وقبل أن يصل أعترضه فقير وطلب منه الاستجابة لدعوته فتذكَّر الشاب وصيّة أبيه باحترام الفقراء فاستجاب وتغدَّى عنده و طلب منه الفقير أن يكلِّم الملك لحاجة له فوعده خيراً ثم توجه لمكان العمال فوجدهم قد حفروا ثم طمروا الحفرة وذهبوا ولم يدر أي شيء عن الحفرة فرجع للملك ليخبره الموضوع فعلم الملك أن الحفرة كانت من نصيب الوزير نفسه و أحسَّ بأن هذا الشاب بريئ فاختلى به وسأله عن الخيانة فحلف الشاب أنه لم يفعل شيئاً من هذا القبيل فتحقق من الآخرين وتذكَّر بعض القرائن أن الوزير هو كان صاحب الخيانة وحمد الله على عدم تورطه بقتل البريئ و أخبر الخادم بالموضوع وبعد إلحاح أخبره الخادم بصحة الخبر وأنه أيضاً رأى ولكن وصية أبيه منعته أن يخبر فأعتمد ذلك الخادم و رفع مرتبته.