46- وصيَّتي أداء الأمانة وعدم الخيانة:

  1. إن أبواب أداء الأمانة واجتناب الخيانة تشمل حقوق كل شيء وتحتاج إلى تأليف كتاب لا يقل عن ألف صفحة وجزء منه كتاب الحقوق لإمامنا العظيم زين العابدين وزينة الساجدين صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين.
  2. كما أن كل خيانة هي خيانة لله تعالى لأن كل شيء هو ملك الله تعالى فنفسك لو أضررتها فقد خنت المولى سبحانه لأنها أمانة عندك ولذا ترى المؤمنين حين يُسألون عن شخص قد مات يجيبون بأن الله تعالى أخذ أمانته أي نفسه التي هي أمانة الله عنده.
  3.  إن أول وأهم الأمانات هي دين الإنسان فإن توحيد الله تعالى هي أمانته التي فطر الناس عليها، وولايته وولاية أنبيائه وأوصيائه والالتزام بها هي الأمانة الثانية التي أوصلها إلينا آباؤنا جزاهم الله عنا خير جزاء المحسنين ونحن بدورنا إما أن نؤدِّيها إلى أبنائنا و الأجيال القادمة فيبارك الله لنا الدنيا والآخرة بأن نعلِّم أبناءنا ومن حولنا على إتباع الحق ونبذ الباطل وحسن الأخلاق والإيمان بالحق وإذهاب الشكوك والإرتيابات من المجتمع ونكون بذلك قد أدَّينا الأمانة وإما أن نستهتر بالحق ولا نطيع الله أو نطيعه في أنفسنا ولا نؤديها إلى الآخرين فلا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر ولا ندعوا إلى الخير فنكون بذلك قد خنَّا أمانة الله عندنا وخنَّا شرفنا وأئمتنا وآباءنا الصالحين الذين جهدوا بكل قواهم حتى أوصلوا إلينا الأمانة قال الله تعالى ((إِنَّا عَرَضْنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)) 33- الأحزاب 72 والمعنى أن الإنسان وحده تحمل تبعات وعقاب حمل الأمانة حين لم يؤدِّ حقها وإن الأرض التي يمشي عليها والجبال حوله وكل شيء من مخلوقات الله حتى الطير في السماء والسمك في الماء يتبرأ منه حين يتحمل التبعة بخيانة الأمانة وقد روي في تفسير الأمانة أنها ولاية أهل بيت النبي حيث تحملها المنافقون وخانوا الله فيها فقاتلوا وظلموا أهل البيت(ع) وشيعتهم وكان ذلك في زمن النبي حتى لقد روي كنا نعرف المنافقين ببغضهم لعلي.

ولذا أعقب الله آية الأمانة بذكر المنافقين هنا فقال: ((لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)) الأحزاب 73 وفي سورة النساء أعقبها بإطاعة الله ورسوله وأولي الأمر وهم أئمتنا الطاهرون فقال تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) النساء 59 فإن قصد بأولي الأمر الذين يأمر الله بطاعتهم وجعل طاعتهم كطاعته وقرنها بطاعته وطاعة رسوله إن قصد بهم العادلون المعصومون وليس هم إلا أئمتنا فهو الحق وإن قصد بهم كل من تولى على الناس من الظالمين والمجرمين ومن قتل المسلمين وكاد بالإسلام فقد ناقض صاحب هذا القول نفسه وحاشا لله ولكتاب الله أن يتناقض إذ مرة يأمر بالعدل وأداء الأمانة ويحكم على الفاسقين باللعن ويوعدهم بالنار وأخرى يأمر بطاعتهم وأنهم خلفاؤه في الأرض! ويقول الله تعالى: ((وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ)) ((يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً)) وقال الإمام الحسين: (من رأى سلطاناً جائراً يحكم في الناس بالظلم والجور فلم يغيِّر عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله).
والأمانة الثالثة بعد أمانة الدين والفطرة والولاية لمحمد وآل محمد هي أمانة الناس وخيانتها ذنب عظيم وهي ظلم الناس بأي شيء من حقوقهم والإنذار عليه في القرآن شديد قال تعالى: ((وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ…)) البقرة 167، نستجير بالله تعالى, ومن موارد هذه الخيانة.