ثالثاً- من الخيانة: الفرية أي التهمة على شخص بغيابه:

وهو الإفك أيضاً وهو ذكر شخص بعيوب لم يفعلها واتهامه بها وأنه فعل شيئا ليس فيه خطأ فاتهم بأنه يقصد كذا مما هو ظلم وخطأ وتعدي فقد ورد في قضية الإفك الحاصل على بعض زوجات الرسول إذ اتهمت عائشة مارية القبطية بابن خالتها حين رأت النبي يقبل ولده إبراهيم فقالت إنه ليس ولدك ونسبته لقريب مارية وأن مارية خائنة النبي فأرسل علياً في طلب الشاب فلما رآه الشاب خاف منه وهرب فسقط وانكشف فتبين أنه ليس له ما للرجال فظهرت فرية المرأة على مارية عظيمة الأزواج وأما ما زعموه من أن النبي قد أخذ عائشة في خروجه لحرب ثم تركها في الطريق وهي شابة صغيرة فتكذيب هذا الخبر موجب لتبرئة ساحة النبي (ص) من إهمال عرضه وهو المفروض قال تعالى: ((وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) النور، ثم إن بعض الآيات أعطت معنى آخر للإفك وهو بمعنى الصرف والانصراف عن الحق إلى الباطل مثل آية ((وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) أي يصرف ويبعد عنه من صرف فيصرف عن الشرك الذي هم عليه (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) أي يخمِّنون ويقدِّرون قضايا العقيدة والإيمان بالله توجيهات سخيفة وتخمينات ((الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ) فمن تخميناتهم أنهم (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)51 الذاريات 13 فهم يكذبون بقيام الناس يوم القيامة ومن هذا القبيل قوله تعالى (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)الأنعام 96 ويونس 34 أي تصرفون عن الحق.