خلاصة وصيَّتي للقضاة:

1- أن لا تنتصب للقضاء حتى تكون متقياً لله تعالى مؤمناً عادلاً غير فاسق فلا تشرب الخمر ولا تلاحق أعراض الناس وخصوصا النساء المراجعات ولا تترك الفرائض الواجبة ولا تحضر مجالس الغناء والفجور والدعارة.

2- أن تتعرف على علماء الدين من مختلف المذاهب وخصوصا الموالين لأهل البيت(ع) وتناقشهم في القضايا ولا تقضي بين الناس حتى تعرف الآراء الإسلامية فيها وتوجيهاتها.

3- عليك بقضاء أمير المؤمنين الموجود في كتب الشيعة وعلمائهم فإن رسول الله يسألك يوم القيامة عنه ولا يسألك عن غيره ويحتج عليك قائلاً ألم تسمع إلى قول نبيك (أقضاكم علي من بعدي)؟ فإن كنت اطلعت فقد نجوت وإلا فتدخل النار مع صاحب الرأي المخالف الذي تبعته.

4-  إذا تبين لك البريء من الخائن ولكن القانون الذي بين يديك يخوّن البريء ويبرئ الخائن فإن حكمتها بحسب ما علمت فقد عملت بالحق وإن عملت بالمادة القانونية فأنت كافر ظالم فاسق كما في الآيات في سورة المائدة وتحشر بهذه العناوين فانتبه.

5- كن ذكياً في حل القضايا ولا يغرك ظاهر الدعوى من شهود وغيرهم كمسألة إنكار المرأة ولدها عند أمير المؤمنين(ع) كما سيأتي.

6- كن سهل الملاقاة حتى لا يخاف عندك الشهود أو أطراف النزاع بل يكونون بكل طلاقة وحرية وبيان للواقع.

7- خوّف الجميع قبل أن يتحاكموا خوِّفهم من الله سبحانه وزهِّدهم بالدنيا وحطامها حتى يتراجع الطامع ويتنازل عن خداعه وظلمه.

8- لا تطول على الناس محاكماتهم وتكثر الجلسات وتضيع الحقوق وإنما كن صارماً بأول جلسة لإعطاء كل ذي حقٍ حقه فإن التطويل يسبب لك التطويل في الحساب وحبسك على شفير جهنم يوم القيامة كما أخرت الناس عن استلام حقوقهم مع وضوح قضاياهم.

9- لا تأمر بضرب أحدٍ أو سبه أو دفعه أو تأخيره قبل أن يثبت استحقاقه للإهانة والدفع وتذكر موقفك بين يدي الله تعالى ففي الحديث (أخوف الناس يوم القيامة من أخاف الناس) (ومن لطم مؤمناً بغير حق لطمته الملائكة حتى كسرت عظامه) (ومن أهان (أذل) مؤمناً كان حقاً على الله أن يذله على رؤوس الأشهاد).

10- قال في الحديث الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتبع وأمر بيّن غيُّه فيجتنب وشبهات بين ذلك فمن حام حول الشبهات سقط في الهلكات).

11- لا ترتشِ من طرفٍ من الأطراف فإن الرشوة تحترق عليك في قبرك ويوم القيامة ويوم يقوم الحساب.

12- حترم الناس حتى يحترموك اختياراً ولا تتكبر عليهم ويقول لك الشيطان بأنك فلان القاضي فتأنف منهم فيحترموك اتقاء شرك فإن شر الناس موقفاً يوم القيامة من احترمه الناس إتقاء شره قال الله تعالى: ((فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)) - الروم.

13- ناقش كثيراً واستشر العقلاء والعلماء واستنفد التساؤل مع أطراف النزاع مع الصبر والاحترام حتى تتأكد بالسر الباطن الذي عمله الخادع ليظلم صاحبه.

14- لا تجلس على القضاء إلاّ على طهارة ووضوء فإنها حالة موقف عظيم بين يدي الله تعالى للتدخل في شؤون عباده واستأذن الله تعالى عند إرادتك الحكم بين العباد واطلب منه التسديد على وضوح الحق.

15- لا تعتدَّ بشهادتك المدرسية بالقضاء فإنها لا تنجيك يوم القيامة في تدخلك بأعراض الناس وأموالهم ودمائهم فاتقِ الله وطالع كثيراً في الأحكام وراجع العلماء الأتقياء.

16- لا تكثر الضحك والفرح وابك على خطاياك وعلى ما وصلت إليه البشرية من الظلم والجور والفساد وخصوصاً بسبب القضاء في دول العالم.

17- ذا حصلت لك ترفيعات إلى رئيس قضاة وما شابه فلا تفرح كثيرا إذ لعلَّها سبب لخلودك في جهنم وتتميم غضب الله عليك إذ ثبت إثم كبار القضاة بحق الناس في تاريخ المسلمين وإذا حصل إعفاؤك من القضاء أو تنزيل درجتك فلا تحزن إذ لعل الله رفع التكليف عنك وسيسعدك بشيء آخر وشاء رفع التبعات والمظالم عنك يوم القيامة! قال الله تعالى (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) – الحديد.

18- إذا قدم لك شخص نصيحة فلا تأخذك العزة بالإثم وتغضب عليه وتؤذيه بل افرح له.

وأخيراً كُن ابن الدين وابن الضمير وابن الحق وابن الرسول وابن أمير المؤمنين(ع) قال رسول الله (ص) (يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة) ولا تكن ابن النفس وابن الدنيا وابن الشيطان.