5) عقيدتي في الموت:

 (كما تنامون تموتون)

هذه الرواية الشريفة تبيّن كيفية الموت مختصراً وبصورة واضحة نقول، إن للإنسان روحين روح بسيطة تخرج عند النوم فتسبح في العالم وتلتقي الأحياء والأموات فإن قدّر الله للإنسان الموت خرجت ولحقتها الروح الأخرى ولم تعد، وحينئذ فإن قدر له الحياة بعد ذلك رجعت إلى البدن ليستيقظ ويعيش، وهذه الروح لا تخرج إلا من الحواس الظاهرة السمع والبصر واللمس والشم والذائقة، ومن الباطنة الحس المشترك الذي يميز ما يحس به بالحواس الظاهرة، فلا تخرج هذه الروح من القلب فإنه يبقى يدفق الدم ويعمل عمله وكذا لا تخرج من جهاز الهضم ولذا ترى الإنسان حين ينام ليس له تبول ولا تغوط وبعد النوم ينحصر بالبول والغائط ويعطش ويجوع، بل وكذا لا تخرج عن الأعضاء الجنسية ولذا يتكامل الجنين في رحم الأم وهي نائمة ولو نكحت في حال النوم حملت الجنين أيضاً والتصق في جدار الرحم وانقبض وانغلق عليه الرحم وقد يقذف الإنسان في حال النوم وهو المسمى بالاحتلام الجنسي وهو أحد علامات البلوغ، وأما الروح الثانية فهي الغاز المحيط بالدم والذي بخروجه يتيبّس الدم ويموت البدن ويكون خروجه من تمام البدن نعم قد يحصل حركات عضوية للميت لا بفعل البدن وإنما بالتأثيرات الخارجية، كجريان دم الميت الذي كان سائلاً ولم يتيبّس بعد أو يخرج منه البول والغائط، أو أن الميتة إذا كان فيها جنين حي يمص ما بقي فيها من سائل الدم بواسطة سرته إلا أن هذا الجريان بسبب قوة روحه الحية لا بدفع منها فإن قوتها الدافعة قد سلبت بموتها، ولنقرأ هذه الآية الكريمة ((اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) )) الزمر.