66- وصيَّتي إلى كبار المسؤولين:

إذا صرت رئيساً لفئة من الناس أو مسؤولاً رسمياً كبيراً فلا تغررك الدنيا وتنفلت من الأوامر الشرعية وتتناس مراقبة مولاك لك فتقول ما تشاء وتفعل ما تريد وتسجن وتضرب وتظلم.
إياك ثم إياك أتحسب أن الله تعالى لا يراك أو أنّه حين يأخذ روحك أنّه ينسى ما فعلت وما قلت وما أخَّرت وما قدَّمت. قال تعالى: ((أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10)) البلد.
فالذي خلق فيك هذه الأعضاء كيف لا يراك ولا يراقبك فلا تغتر بربك وتقول أنّه قد أرخى إليّ الحبل فلا محاسب ولا مراقب ويقول لك يوم القيامة ((يا أَيُّهَا الإنسان ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8)) الانفطار.
ولا يخدعك الشيطان فيقول لك انظر إلى عظمة شخصك كيف يعبر عنك الخطيب الفلاني بالإكبار والتعظيم فاعلم أن هذا الخطيب سوف يذمك أشد الذم ويتبرَّأ منك يوم القيامة وسيلتوي لسانه الذي مدحك بالباطل بأسياخ من نار, ألم تسمع إلى قوله تعالى: ((إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبابُ (166)) البقرة.
فإنك لو فتشت قلبه تراه لا يكنّ لك أي حب ولكن معاشه الذي صرفته له من بيت المال اضطره أن يفعل هكذا, وجرب أن اقطع معاش هؤلاء المتملِّقين لك بالأقوال أو الأفعال شهراً واحداً فانظرا ماذا سيتصرَّفون، فلا تجد أحداً منهم حين يظهر على حقيقته أنّه أحبك قربةً إلى الله وأخلص لك من واقع قلبه فلا تخدعك الدنيا وتتلاعب بأموال وأعراض وكرامات شعبك وتنفلت من أوامر الله ولو فعلت فيا ويلك يوم القيامة، قال الله تعالى عن الكافرين والظالمين ((وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (22)) الحج.
ولو قتلت شخصاً أو حقرت شخصاً أو أذللت شخصاً, فلا تفرح ولا تشمت, بل يجب أن يفرح هو ويشمت بك إذا أعطاه الله اختيار عقابك بيده يحكم بك كيف ما يشاء يوم القيامة ويخلدك في عذاب السموم قال رسول الله (ص) (يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم).
وفي الحديث الشريف (من وضع بين يدي سلطان ظالم عصاً, انقلب العصا ثعباناً ينهشه يوم القيامة), فكيف حال من هيأ لك سلاحاً تقتل وتجرح من تشاء, وكيف حالك أنت الذي تضرب و تخيف وتجرح وتقتل, قال في الحديث (أخوف الناس يوم القيامة من خاف الناس منه).
(ومن لطم بريئاً لطمته الملائكة حتّى كسرت عظامه).
وورد عن النبي (ص) (اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصراً غير الله) نهج الفصاحة 296.
وقال: (أشد الناس عذاباً للناس في الدنيا أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة) 300.
وقال (ص) : (إن أشد الناس ندامة يوم القيامة رجل باع آخرته بدنياه وأشد منه من باع آخرته بدنيا غيره). قال الله تعالى ((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ (41)) الحج. وعن النبي (ص) (ما من إمام يعفو عند الغضب إلا عفا الله عنه يوم القيامة) فصاحة 2656. وعنه (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله) 2893.