5) مناقشة مع شارب الخمر:

يا أبو سعيد لماذا تشرب الخمر ألا تخاف من الله سبحانه أن يميتك شرّ موته سكراناً عطشاناً ويحشرك إلى وادي سكران في جهنم ويدخلك بئر سكران؟!
أبو سعيد: لا يوجد آية في القرآن تصرِّح بتحريم شرب الخمر, بالعكس فالآية صريحة بأن فيه منافع.
قلت: إنه ورد في الحديث الشريف إنه ليس من الكفر أن يعصي الإنسان, وإنما من الكفر أن يقول هذا هكذا, فأنت مادمت قد شرّعت لنفسك مستنداً على آيات قد فهمتها فهماً معكوساً وجهلاً بعيداً عن مقصد القرآن فقولك هذا كفر بالإسلام والقرآن.
فأما التحريم, فإن الله تعالى يقول: ((إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) )) المائدة، وإن لفظ اجتنب أقوى تحريماً من قوله حرام، لأن الاجتناب معناه حرمة جميع التصرفات بخلاف حرمة الخنزير مثلاً فإنه يحرم أكله فقط ولا يحرم الحمل عليه واستعماله وما شابه.
وثانياً قد ورد لفظ التحريم في قوله تعالى ((قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (33)) الأعراف. فإن الإثم هو الخمر وهو المروي والمتفق عليه عند العرب حتّى قال الشاعر:
شربت الإثم حتّى زال عقلي                كذاك الإثم تذهب بالعقول
و قوله تعالى ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما... (219)) البقرة.
ثم إن هذه الآية كانت في ابتداء التحريم ولم يستطع المولى سبحانه أن يطرح الأمر بصورة شديدة وإلا فلا يقبل الناس بترك الشرب.
وثانيّاً: إن النفع يعني به الاقتصادي فإن الخمر في كل العصور هو من التجارات الرابحة حتّى في عصور تديّن الناس وتمسُّكهم شديداً، وذلك أولاً لكثرة الكفار في طول البلاد وعرضها من أهل الكتاب وغيرهم، وثانياً أنّ كل الحكام الذين تخلَّفوا على المسلمين يشربون الخمر إلا قليلاً منهم فالنفع لا علاقة له بالتحريم ولا يخفف منه.
أبو سعيد: دعنا نستأنس بالحياة فإنّا نشرب الخمر لنخفف الشقاء الذي أصابنا في الحياة.
قلت: أولاً إنها لذة مزعومة بل معدومة, فأولاً يقول النبي (ص) : (ما لذة الحياة الدنيا بالنسبة إلى الجنّة إلا كمن يضع إصبعه في بحر فيأخذ منه ماء.
وثانياً: أي لذة هذه وأنت تشرب هذه القذارات الوسخة وتجنن نفسك وتذهب شعورك هذا الشعور الإنساني المحترم حتّى أنك تتكلم وتفعل مالا يتصور من شخص عاقل مثقف مثلك فهذه لذّتك لذّة المجانين والمعتوهين والسفلة من الناس ويوم القيامة أنت من المحضرين الخالدين في نار الجحيم وخصوصاً مع عنادك ودفاعك الباطل وهنيئاً لك بها ((ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)) الدخان.