الجمعيات الإصلاحية للتزويج المؤقت

لماذا يا عبد الغني أراك وأبناءك وبناتك وبيتك وأثاثك وكل شيء منك على طراز الكفار وعادات الكفار يا عبد الله.
عبد الغني: ماذا تقول؟! ومن سمح لك أن تتدخل في شؤون الناس؟
قلت: لست أنا أول من تدخل في شؤون الناس, وإنما قبلي الأنبياء والأوصياء وجَّهوا المجتمع حتّى قُتل بعضهم وهُجِّر آخرون وشُرِّدوا, وإنّي لو لم أجدك أهلاً للنصيحة لما نصحتك, إنك إنسان محترم مؤمن ولكن لا بدّ من تنبيهك على مواضع الخطأ فإن رسول الله (ص) يقول: (المؤمن مرآة المؤمن…).
عبد الغني: إنك تحسدني على النعمة التي عندي.
قلت: كلاّ يا أخي إنّما أنا ناصح والحسد شيء في القلب لا تعلم به أنت فلو كان قصدي أن أحسدك يعاقبني ربّي بأشد العقاب, ولا تخف فإنه لا يفوت عند الله ذرة من ظلم وحسد وكيد الناس بالناس.
عبد الغني: إذاً فلماذا تنتقدني على القصر الذي أنا فيه والحديقة الغنّاء والسيارات المرفَّهة والأثاث والملابس الفخمة ألم تسمع قوله تعالى ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)) الأعراف.
ألم تسمع قول النبي 4 (إن الله إذا أعطى عبداً نعمةً, أحبّ أن تظهر نعمته عليه) ألم تسمع قوله تعالى ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)) الضحى.
قلت: هذا كلّه صحيح ويثيبك الله على هذه النيّة بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن تخرج حق الله: بأن تحاسب نفسك كل عام في يوم معين, تخرج ما زاد عن حاجتك ومؤونة سنتك وتعطي الخمس للفقراء وللمشاريع الإسلاميّة الخيريّة وليكن لك يد في إقامة شعائر الإسلام وتزيد على ذلك أن تكرم الناس وتعمل مجالس ذكر النبي وأهل بيته الكرام في بيتك كل أسبوع أو كل شهر أو كل سنة على الأقل حتّى تكون أنت وأهل بيتك مباركين مقرَّبين إلى شفعائك أكثر فأكثر.
الشرط الثاني: أن لا يكون في البناء ولا في السيارات ولا في الأثاث زيادة عن حاجتك فإن البناء الزائد يحمله صاحبه على ظهره في نار جهنّم، ألم تسمع إلى قول النبي صالح (ع) لقومه ((أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128)) الشعراء.
وبناء بيتك في الأجنحة والزيادات كثيرة والأثاث فوق حاجتك ثم ما هذه الأصنام التي ملأت بها الغرف.
والشرط الثالث: أن لا تتأثر نفسيّاً أنت وأهلك ومن يزورك بالدنيا ويميل قلبك إليها فإنها كما قال أمير المؤمنين (الدنيا تغر وتضر وتمر), فيوم القيامة وهكذا حين يأتي ملك الموت ـ بعد طول العمر إن شاء الله ـ إنك سوف تندم على عدم توجُّهك لعمل الآخرة والاهتمام بها, وإنّما اهتممت بنفسك في الدنيا واحتطبت على ظهرك من الأموال أوساخ الدنيا, وحطام يوم القيامة.
فاتق الله واسمع قول الله تعالى ((وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ)) آل عمران.
عبد الغني: ماذا نفعل هكذا رأينا أسلافنا وهكذا يريد المجتمع حولك وأنت الذي تتكلم بهذا الكلام لا يصدقك أحد.
قلت: إنَّ قولك هذا قد وردت فيه الآيات الكريمة قال تعالى ((وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) الزخرف.
عبد الغني: ألم تسمع بالدعوة التي عملتها قبل أيام, وفي كل مناسبة نعمل دعوة.
قلت مبتسماً: أمّا الاحتفال الذي عملته قبل أيام ففيه عدّة من الذنوب الكبيرة.
فصاح: الله الله الله أي ذنوب هذه.
قلت: اسمع أولاً إنك دعوت المتبطرين والأغنياء من الناس ولم تحترم الفقراء ولم تدعُ منهم من يغفر الله لك بسببه ففي الحديث. (لكل كبدٍ حرى أجر وأشبع الناس يوم القيامة من أشبع جوعة مؤمن).
ثانيّاً- إنه كان في الطعام ما لا حاجة له حتى أن الزائد قد ألقيته في القمامة ولم تتعرَّف على الفقراء بعيدين أو قريبين لتعتبره هديّة لهم تشبعهم وعوائلهم.
ثالثاً- هذا الحفل لم يزدك من الله قرباً بل زادك غروراً ورياءاً وسمعة ورفعة رأس في الحياة الدنيا وهذا خلاف مراد الله تعالى ففي الحديث: (من كان له فخر فليدّخر فخره في الميزان).
اعمل صالحاً وادعُ عباد الله الصالحين وخصوصاً الفقراء منهم فسيكون افتخارك في يوم القيامة, وهو فخر دائم, وسعادة أبديّة, ألم تسمع إلى العاملين عملاً صالحاً كيف يعلنون مفتخرين بكتابهم كما في الآيّة ((فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (2.) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (22) قُطُوفُها دانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخالِيَةِ (24)) - الحاقّة.
ثم انظر حال ذوي الأموال الذين لم يراعوا حق الفقراء ولم يبرُّوا المساكين ((وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (26) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (27) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (3.) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (33) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (35) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (36) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (37)) - الحاقة.
ثم إن الدنيا لا تسوى هذا الاهتمام ففي الحديث (لو كانت الدنيا تعدل (تساوي) عند الله جناح بعوضة, لما سقى منها كافراً شربة ماء).
وفي مقولة واردة أيضاً (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة, لما سحق الإمام الحسين (ع) تحت حوافر الخيول وحرقت خيامه وسبيت نساؤه ويزيد يجلس على كرسي مرصّع بالدر والياقوت), واعتبر بهذا الحديث.
وقد قال سبحانه وتعالى: ((أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (55) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (56)) - المؤمنون, أي لا يشعرون بأن هذا موجب لزيادة حسابهم, ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون عليهما السلام على فرعون وعليهما مدارع الصوف وبأياديهما العصّي فشرطا له إن أسلم بقاء ملكه ودوام عزه فقال: (ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العزّ وبقاء الملك, وهما بما ترون من حال الفقر والذل فهلاّ ألقي عليهما أساور من ذهب؟ إعظاما للذهب وجمعه واحتقاراً للصوف ولبسه, ولو أراد الله سبحانه وتعالى بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان, ومعادن العقيان, ومفارش الجنان, وأن يحشر معهم طير السماء ووحوش الأرض لفعل ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء) نهج البلاغة خطبة232 –الخطبة القاصعة.
عبد الغني: أنا خاطئ وإن شاء الله أتوب وأعدِّل سيرتي مع الفقراء.