26) عقيدتي في الشفاعة:

شفاعة الدنيا والآخرة، إني أعتقد بأن الشفاعة في حوائج الدنيا كما هو في الآخرة وطلب الجنة والخلاص من النار بل كذا لطلب الزيادة في درجات الجنة، ونقد المخالفين للشيعة عليهم في توسلهم بالأولياء في حوائج الدنيا لا وجه له والوجه الشرعي الثابت كتاباً وسنة هو صحة التوسل:
1) لأن توسلنا ليس هو مثل قول الكفار عن الأصنام أو عن الطواغيت ((ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)) (3) سورة الزمر، لأن الله تعالى نهى عن التقرب بها وعبادتها بينما النبي والأولياء وبقية الأنبياء جعل الله معهم نوره وخيره ورحمته والأمر بموالاتهم.
2) قوله تعالى: ((وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ))، فإن رحمة الله للعالمين التي فرضها الله له عامة شاملة في حياته وبعد موته والآية مطلقة ولم تخصها في حياته ولم تخص الهداية فقط بل هي شاملة لمنافع الدنيا والآخرة.
3) وكذا البركات كما في الآية: ((رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)).
قال رسول الله 4 في تفسير هذه الآية: (انا وأهل بيتي من سادة أهل بيت إبراهيم(ع) ).
4) بل إن النعمة للعباد هي من الله ومن رسوله، كما ورد أن الإمام الصادق(ع) مع أبي حنيفة قد أكلا فلما أنهيا الأكل قال الإمام(ع):
(الشكر لله، الشكر لرسول الله)، فقال له أبو حنيفة: (قد أشركت يا أبا عبد الله)، فقال(ع): ويحك يا أبا حنيفة ألم تسمع إلى قوله تعالى: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ)) سورة التوبة (59) فسكت أبو حنيفة ولم يحر جواباً.

6- والتعاون بين الناس واجب قد فرضه الله تعالى في كتابه فقال تعالى: ((وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)).
7- بل التشفع بين يدي الله في الدعاء للآخرين في مواطن العبادة والدعاء ثابت كتاباً وسنة ففي الحديث (ادعني بلسان لم تعضي به). وفسر بأن يدعو الإنسان لأخيه الإنسان فإن لسان الداعي لم يعص به المدعو له لأنه لسان آخر، وفي الحديث من دعا لأخيه المؤمن في ظهر الغيب قيل له ولك مثل ذلك، وحديث الإمام الحسن(ع) أنه رأى أمه الزهراء عليها السلام تدعو للناس في صلاة التهجد بالليل فسألها عن ذلك فقالت يا بني الجار ثم الدار.
8- والتعاون وقضاء حوائج الإخوان ومدهم بما يحتاجون إليه هو مثل التشفع لهم والدعاء لهم بلا أي شبهة من أحد من أعلام الدين وإنما جاءت الشبهات من جهلة الدين.
9- بل إن الله سبحانه وتعالى يطلب المدد من عباده أيضاً فيقول الله تعالى:
((إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ))، ((إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) )) التغابن.
10- وقد ثبت أن يد النبي هي يد الله تعالى واستغفاره حجاب من الله تعالى، إذ قال تعالى: ((وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى))، وقال: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً (64) )) النساء.
11- إن قلت صحيح يمكن التشفع وطلب العون من الله، أو طلب حوائج الدنيا من الأحياء ممكن فكيف تطلبه من الأموات قلت أولاً إنَّ الشهداء وعلى رأسهم الأولياء والأنبياء ليسوا بأموات بل هم يسمعون وينظرون الطالب كما في أحاديث المعصومين(ع).
وهذا معنى قوله تعالى: ((وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) )) آل عمران، إذ لو لم يكونوا حاضرين ومطلعين على أحوال بقية الأصحاب الأحياء فكيف يستبشرون وكيف يدعون بأن الأحياء لا خوف عليهم، والآية الأخرى: ((وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154) )) سورة البقرة، فنحن لا نشعر بكيفية حياتهم فليس لنا أن نحدد صلاحياتهم وكيفيات علاقاتهم بل إن بعض الأحاديث تدل على أنهم اسمع منكم وأوعى منكم وأنهم أقدر منكم.
وثانياً ـ إن الطلب منهم إما أن يكون للاستغفار والحوائج التي تطلب من الله فإنها ممكنة جداً وذلك لأنهم في دار الحق وهم أقرب إلى الله فهم أقدر منا على طلبها، وإما في حوائج الدنيا فإنهم كما قلنا يطلبونها من الله لتسهيلها لنا وهم المقربون عند الله تعالى، وأخيراً إن النبي وأهل بيته الكرام عليهم الصلاة والسلام لو لم يكونوا حاضرين فكيف يصح لك أن تخاطب النبي في الصلاة قائلاً (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) وكلمة أيها خطاب للمقابل الحاضر وألا يكون هذا الأمر جنوناً ومخالفاً للعقل أنك تخاطب الغائب غير السامع بشيء، وأما الشفاعة في الآخرة فهي واقعة لكل من أراد النبي 4 أن يشفع له، كما في قوله تعالى: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى))، وعن أمير المؤمنين أنها أرضى آية في كتاب الله للمؤمنين وذلك أن رسول الله لا يرضى دون الشفاعة للمؤمنين العاصين من أمته، وعن النبي 4 : (ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)، وروي أن كل الأنبياء والأمم تنادي يا نفسي يوم القيامة إلا النبي محمد 4 فإنه ينادي يا أمتي، وروي أن المؤمن ليشفع بمثل ربيعة ومضر وأن المؤمن ليستوحش لبعض جلاسه في الدنيا ويكون من أهل النار فيخرج له ويدخل الجنة لمجالسته وأن المؤمن ليشفع لخادمه غير المتدين بقوله يا رب إن هذا كان يخدمني في الدنيا فيخرج لأجله من النار وفي مصافحة يوم الغدير الواردة عن أهل البيت(ع) وذلك في 18 ذو الحجة إنك حين تقابل أي مؤمن تقول له: الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، جعلنا الله من الآخذين بثأره مع ولده الإمام المهدي(ع)، أخيتك في الله... على أن الله إذا جعلني من المؤمنين وأذن لي في الشفاعة شفعت لك).
وروي في شفاعة النبي 4 أيضاً، عن الرضا(ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين(ع) قال قال رسول الله: (من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي ثم قال إنما شفاعتي (لأهل الكبائر من أمتي) عن الميزان ج1 ص177، أحسن الحديث 294.