6- وصيَّتي في كيفية الصلاة:

أيها المصلي إنه ليس لك من ثواب صلاتك إلا بمقدار توجهك والتفاتك للصلاة ثم لماذا تفكر من هنا وهناك في الصلاة وربما قدِّر لك أن تموت في الصلاة أو بعد الصلاة فماذا ينفعك تشوُّشك على أمور الدنيا ألا تريد أن تكون صلاتك هذه نورا لك على الصراط يوم الظلام الدامس والرعب وزيغ النظر. إن كل ما تريد من الأمور وتفكر بها وأنت مشوش من أجلها إنها بيد المولى الذي أنت أمامه فتوجه إليه واطلبها منه واخشع له وظن به خيرا فانه لا ينقصك نفعاً ولا يزيدك ضراً قال تعالى: ((اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً (12) )) الطلاق. فأي شيء تريده أيها العبد من فلان وفلان في صلاتك فإنه لن يكون إلا بإرادة الله فلا حاجة للإعراض عن المولى بقلبك بوقت مقابلته ولو لم يرد فلا ينفعك التحضيرات الفكرية لكيفية تحصيل ما تريد.
قال تعالى في الحديث القدسي: (عبدي أنت تريد وأنا أريد ولا يكون إلا ما أريد). فاتق الله ولا تذهب بك المذاهب ويجرجرك الشيطان في الضلال البعيد واعتبرها أخر صلاة تصليها إذ لعلها كذلك ولعلها هي التي تكون سبب نجاحك ونور طريقك في الآخرة ونور قبرك وسبب تظلُّلك بظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظلُّه، وفي الحديث عن الإمام الصادق(ع):
(من حفظ الصلاة حفظ الله له أهله وماله يوم القيامة ومن ضيَّع الصلاة ضيع الله عليه ماله وأهله يوم القيامة) وقال تعالى: ((فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) )). ولو دخلت الصلاة فلا تتعجل فإنها الساعة التي تمنحك خير الدنيا والآخرة فتدبَّرها كاملاً لتزيد حظك وبركتك وسعادتك في الدنيا والآخرة وإلى أين تريد أن تنصرف عنها فإن كل شي دون التعلق بالله خراب ووزر وتباب.
الناس بالنسبة للصلاة أربعة أقسام:
ا- خاشع متدبر متفكر مقبل تمام الإقبال على صلاته وأعلى درجة في ذلك للمعصومين إذ روي أن أمير المؤمنين وكذلك الإمام الحسن أنه كان حين يتوضأ يتغير لونه خوفا ويظهر عليه الخشوع والرهبة العجيبة وحين سئل عن ذلك أجاب ألا تعلم من أقابل؟
وقال تعالى: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3).... وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (9) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (11) )) المؤمنون.
ب- المصلِّي المستخف الذي يصلِّيها متكاسلاً متناعساً وقد يؤخِّرها آخر وقتها، قال الإمام الصادق عند قرب وفاته بعد أن جمع بعض أقربائه: (لا تنال شفاعتنا مستخفاً بصلاته). وقال: (ملعون ملعون من أخَّر صلاة الصبح حتى تحمرَّ الشمس.. ملعون ملعون من أخَّر الصلاة... العشاء حتى تشتبك النجوم) وفي الحديث ما مضمونه (من صلى الصلاة لأول وقتها مقبلا عليها مقيماً لحدودها ارتفعت كالجزور بيضاء مشرقة تلاقفتها الملائكة وبشرت صاحبها قائلة له حفظت الصلاة حفظك الله في الدنيا والآخرة ومن صلَّى الصلاة في آخر وقتها متناعساً متكاسلاً ارتفعت كالعصفور سوداء مظلمة وضرب الملائكة وجه صاحبها وقيل له ضيَّعت الصلاة ضيعك الله في الدنيا والآخرة).
ج- القاطع للصلاة ولكنه معترف بخطئه وأن الصلاة واجبة وهذا يعذب في النار وفي القبر يظلم عليه قبره ويعصره قبره ويضرب في أوقات الصلاة ففي الحديث أن رجلا من الصالحين أدخل قبره فجاءه الملكان وأمرا بضربه مائة سوط من نار فتعلق بهما وتوسَّل بهما فضرباه سوطاً واحداً فقال علام تضرباني قالا لأنك لم تحسن الوضوء في صلاة الصبح في اليوم الفلاني فامتلأ قبره ناراً من أثر ذلك السوط) وفي الحديث (من ترك الصلاة فكأنما قتل سبعين نبياً أوَّلهم آدم وأخرهم محمد(ص) وفي الحديث (من ترك الفرائض الخمس فقد برأت منه ذمة الإسلام) وفي الحديث النبوي(ص) (لو أنَّ على باب أحدكم جليب يغتسل به الإنسان في كل يوم خمس مرات فهل يبقى عليه شي من الدرن؟ قالوا لا يا رسول الله فقال كذلك الصلاة).
د- الإنسان التارك للصلاة الجاحد بها الناهي عنها المتجاسر على أهلها وذلك هو الكافر بالله وبالدين وهو القذر الملعون الذي يخلده الله في نار جهنم، كما في دعاء كميل: (لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك وقضيت نه من إخلاد معانديك … لجعلت النار كلها برداً وسلاماً وما كان لأحدٍ فيها مقراً ولا مقاما لكنك تقدَّست أسماؤك أقسمت أن تملأها من الكافرين من الجِنة والناس أجمعين وأن تخلِّد فيها المعاندين …).
وذلك مثل يزيد إذ قتل أئمة المسلمين وسادة المصلين وكان من أشعاره:

دع المساجد للعباد تسكنهـا               واجلس على دكةِ الخمار واسقينا
ما قال ربك ويل للذي شربوا              بل قال ربُّك ويـل للمصلينـا
ومن حوادث بطلان الصلاة:
1- رأيت مصلياً يركع في الركعة الأولى والثانية ركوعين وفي الثالثة والرابعة ركوع واحد فتعجبت وسألته عن ذلك فسخر مني ورد علي قائلاً: كيف تدرس العلم ولا تعرف هذه المسألة فأجبته نعم أنا لا أعرف هذه المسألة فعلِّمني؟

فقال إن الركعة الأولى والثانية مال الله وأن الثالثة والرابعة مال النبي محمد وأن الله أكبر من محمد(ص) فاني أعطي الله ركوعين وأعطي ركوع واحد لمحمد فقلت إن هذا عجيب ألا تعرف أن بعض الأطفال يأكلون أكثر من بعض الكبار فلماذا لم تحسب هذا الحساب وتساوي الكبير بالصغير؟ وثانيا أرني شخصاً آخر يصلي مثلك حتى نصحح المسألة الحسابية؟ وكان في المسجد عدة من المصلين، فأشرت إلى واحد واحد وقلت انظر فلما لاحظهم قال فهل صلاتي باطلة قلت قطعاً باطلة قال إني منذ خمس عشرة سنة أصلي هكذا فقلت أعدها جميعاً.