حكم- ان العدالة هي الملكة على فعل الواجبات واجتناب المحرمات وقد بحثناها في باب الاجتهاد والتقليد بحثاً مطولاً مفصلاً ولكن لا بأس ان نضيف بعض التوضيح:
حكم- ان الذنب يكبر بحسب كبر الفاعل ومكانته عند الله وعند الناس ولذا ورد في نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لنسبتهن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: [يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا32](9), [يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ30](10), ومن ذلك ما في الحديث: (يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل ان يغفر للعالم ذنب واحد)(11), وفي الحديث القدسي ما مضمونه: (لالقين ذنوب جهالكم على علمائكم).
أ - التفضل من الله تعالى: [أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ40](12).
ب - اصابت انواع المصائب والمحن وتسلط الظالمين وصعوبة العيش فقد روي عن الامام الصادق (ع) ما مضمونه: (ان الله ليبتلي شيعتنا بانواع المصائب والمحن حتى تمحص ذنوبهم ويكونوا من اهل الجنة), وفي وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: (يا علي أنين المؤمن تسبيح وصيامه تهليل ونومه على الفراش عبادة وتقبله من جنب الى جنب جهاد في سبيل الله فان عوفي مشى في الناس وما عليه من ذنب)(13), وعن علي (ع) انه عاد سلمان الفارسي فقال له: (يا سلمان ما من احد من شيعتنا يصيبه وجع الا بذنب قد سبق منه وذلك الوجع تطهير له), قال سلمان: فليس لنا في شيء من ذلك اجر خلا التطهير؟ قال علي (ع): (لكم الاجر بالصبر عليه والتضرع الى الله والدعاء له بهما تكتب الحسنات وترفع لكم الدرجات فاما الوجع خاصة فهو تطهير وكفارة)(14).
ج - قضاء حوائج الناس
حكم- من اسباب المغفرة وعلو الدرجات ان الانسان ينتشل المريض ويخدم الشيخ ويرفع الكسير ويربي الطفل ويطعم الجائع ويكسو العريان, فعن الحسين بن زيد عن الصادق (ع) عن آبائه (ع) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (ومن كفى ضريراً حاجته من حوائج الدنيا ومشى له فيها حتى يقضى الله له حاجته اعطاه الله براءة من النفاق وبراءة من النار وقضى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا ولا يزال يخوض في رحمة الله حتى يرجع ومن سعى لمريض في حاجة قضاها او لم يقضها من ذنوبه كيوم ولدته أمه..)(15).
د - استغفار الملائكة والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والامام (ع) له.
حكم- ورد آيات كثيرة في استغفارهم للمؤمن من موجبات المغفرة والرحمة والبركة والسعادة في الدنيا والآخرة, ففي الآية: [وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ5](16), وفي الآية: [وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا64](17), وابن الجهم عن ابي الحسن (ع) قال: (لا تحقروا دعوة أحد فانه يستجاب لليهودي والنصراني فيكم ولا يستجاب لهم في انفسهم)(18), وعن الامام الصادق (ع) عن آبائه (ع) في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (ع) قال: (يا علي اربعة لا ترد لهم دعوة: امام عدل ووالد لولده والرجل يدعو لاخيه بظهر الغيب والمظلوم يقول الله عز وجل وعزتي وجلالي لانتصرن لك ولو بعد حين)(19).
هـ - كثرة الحسنات والاحسان الى الناس.
حكم- قال الله تعالى: [إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ114 وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ115](20).
و - أجتناب الكبائر:
حكم- ان التقوى والابتعاد عن كبائر الذنوب هي السبب الاكبر في مغفرة الله وقضاء الحوائج, قال الله تعالى: [إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا31](21), وقال تعالى: [وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا27 يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا28](22)
ز - محبة الاولاد وحسن تربيتهم
حكم- ورد بان الله تعالى ليرحم الاب والام في محبتهما لاولادهما هذا في القلب واما في الظاهر فلا يصبح ان تظهر المحبة للاولاد والبنات مطلقاً حتى تبطرهم وتوجب غرورهم وفسادهم وانما تجعل لذلك مقادير فكلما زاد خير وحسن اخلاق الولد والبنت والتزامهما بالشرع والتقوى والعمل الصالح كلما شجعتهم واظهرت ودهم ومحبتهم والذكر الحسن بين الناس وهذا حتى للاطفال تدربهم على ذلك.
ح - الشفاعة
حكم- الشفاعة امر عظيم فان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وابناءه المعصومين (ع) هم اكبر شفعاء هذه الأئمة في حوائج الدنيا والآخرة وهي من ضروريات ما اعتقده المسلمون الا الوهابية الملعونة فهم من المستهزئين بالتشفع بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد تظافرت على ذلك الآيات والروايات.
حكم- قال الله تعالى: [مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا85](23), الشفاعة من الشفع وهو الاثنينية ومقابلة الوتر او الفرد ولذا يقال لآخر ركعات الليل الشفع يعني اثنتان والوتر يعني ركعة واحدة, فالشفاعة هي يكون الشخص مع شخص ضعيف ويتوسط له لقضاء حاجة له قد عجز وضعف عنها, وكونها حسنة يعني من يشفع في تزويج اعزب وعزباء بالتوسط لهما بين العوائل ويغني الفقير وشفعاء مريض وخلاص سجين ومبتلى وتبرئة منهم وهكذا فهذا احسان لهم فللشفيع في ذلك الثواب والنصيب من الله بالتوفيق والسعادة والشفاعة السيئة هو الذي يتوسط لاتهام بريئ وطلاق بين الزوجين وتفريق العوائل وبث العداوات بين الناس والفتنة بينهم والظلم والفساد واشاعة الفجور يكن له كفل بكسر الكاف وهو الجزء من الاثم والذنب على حسب اثر افساده وتوسطه بالظلم والكفر, واصل الكفر هو الحمل الثقيل الذي يكفل به حامله اي يثقله, فقل للفتان والمفسر هنيئاً لك بتحمل الحريق في نار جهنم والله تعالى (مقيت) من وقت الوقت يعني نظم النظام فالتوقيت هو تنظيم المكان مثل مواقيت الاحرام وللزمان مقل توقيت الصلوات والحج والصوم والشؤم والامور مثل توقيت النصاب للشفعاء, للمحسن نصيب الخير وللمسيء نصيب واجزاء من العذاب والخزي.
حكم- ان العدالة مختلفة بحسب مقام الاشخاص كما اشرنا مراراً فعدالة الشاهد اضعف من عدالة امام الجماعة المقتدى في الناس وعدالة القاضي يلزم ان تكون اعظم من الشاهد والامام وعدالة مرجع المسلمين الديني اشد واعظم من عدالة افرادهم بمختلف الوظائف والمراتب, ولكن كل المراتب لا تصل الى حد العصمة الكبرى فالعصمة الكبرى هي منصب من الله خاص للانبياء والاوصياء عليهم الصلاة والسلام, وهذا المنصب يصحبه الخلوة بالله وهو سر لا يعرفه الناس الا نفس المعصومين (ع) ويبعث مع كل معصوم ملائكة يسددون ويؤيدون اعمال المعصوم والملك هنا يسمى (روح القدس), ولذلك تجد بعض الروايات ان الامام (ع) يقول لقائل او فاعل من الاعمال الصالحة: (كان معك الروح القدس) او (اجرى الله على لسانك الروح القدس), فالروح القدس يمكن ان يسدد غير المعصوم (ع) ولكنه يخطر له خطرات وليس يصحبه ويسدده في طول حياته, اما سمعت ان الامام الحجة (ع) جلس للناس بعد وفاة ابيه (ع) يجيب عما معهم ومقاصدهم ومصادر وموارد اموالهم وسائر شؤونهم واحوالهم وهو بعمر خمس سنين, الم تعلم ان الامام محمد التقي الجواد (ع) صار اماماً للامة وهو بعمر ثمان سنوات, هذا وقصة عيسى (ع) وكلامه لأمه في لحظة ولادته لا تخفاك في سورة مريم.
حكم- اما العصمة الصغرى فصاحبها هو الذي يعمل من الطاعات والصالحات ويجهد نفسه في رياضات حتى يصير صاحب كرامات شبيهة بالمعجزات وهو لا يكون كذلك الا اعظم العادلين وشديد العابدين وحصين المتقين وسادة المجاهدين وقد عبرنا عنها من باب التقريب العصمة غير الوظيفية, فالعصمة الوظيفية من الله هي النبوة والولاية لوصي النبي (ع) وخلفاؤه الشرعيون وهم الائمة الاثنى عشر بعد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)وامثالهم من اوصياء الانبياء (ع) وغير الوظيفية هي ما يتوصل اليها اتقى الاتقياء وعظماء المتعبدين مثل زينب الكبرى والعباس بن علي (ع) وعلي بن الحسين (ع) وعبد العظيم الحسني صاحب الكرامات في طهران ولنا قريب منهم مئات من العظماء من اصحاب الكرامات في مختلف البلدان في اسيا وافريقيا.
حكم- التوبة الى الله تعالى من العبادات ومن اعظم العبادات قال المهذب (ارسل في الجواهر في كتاب الشهادات ارسال المسلمات ان التوبة من العبادات ويعتبر فيها قصد القربة وعلى هذا لو تاب رياء أو بلا قصد القربة فلا توبة له ومقتضى الاصل بقاء فسقه).
حكم- ورد عن الامام زين العابدين (ع): (اذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه وتماوت في منطقة وتخاضع في حركاته فرويداً لا يفرنكم فما اكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم منها لضعف قيمته ومهانته وجبن قلبه فنصب الدين فخالها فهو لا يزال يخيل الناس بظاهره فان تكن من حرام اقتحمه واذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويداً لا يغرنكم فان شهوات الخلق مختلفة فما اكثر من ينبوع المال الحرام وان كثر ويحمل نفسه على شوهاء قبيحه فيأتي منها محرماً فاذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقده عقله فما اكثر من ترك ذلك اجمع ثم لا يرجع الى عقل متين فيكون ما يفسده بجهله اكثر مما يصلحه بعقله واذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون عقله على هواه وكيف محبته للرياسات الباطلة وزهده فيها فان في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا ويرى ان لذة الرياسة الباطلة افضل من لذة المال والنعم المباحة المحللة فيترك ذلك اجمع طلباً للرياسة...ولكن الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعاً لامر الله وقواه مبذولة في رضاء الله يرى الذل مع الحق اقرب الى عز الابد من العز في الباطل...فذلك الرجل نعم الرجل فبه فتمسكوا وبسنته فاقتدوا والى ربكم به فتوسلوا فانه لا ترد له دعوة ولا تخيب له طلبة)(24).