حكم- هذا الشرط لايخلو من تعقيد, فلندر حول بعض الروايات وما نستفيد منها:
وهذا الحديث قد حكم على كل الاحاديث المانعة وفسرها بالمنع من السباع التي تأكل اللحوم وكما في الاحاديث العديدة بذلك واحلت الصلاة بجلد الحيوان غير المأكول اللحم الذي يعيش على غير اللحم, ويكره الارنب لانه من المسوخ.
حكم- لا يشمل المنع الحيوانات المائية والبرمائية وكل ما ليس له نفس سائلة ففي الحديث عن ابي يعفور: كنت عند ابي عبد الله (ع) اذ دخل عليه رجل من الخزازين فقال: جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخز؟ فقال: لا بأس بالصلاة فيه, قال له اتقول انه دابة تخرج من الماء او تعتاد من الماء فتخرج فاذا فقد الماء مات... فان الله تعالى احله وجعل ذكاته موته كما احل الحيتان وجعل ذكاتها موتها(10).
حكم- لا يمنع في الصلاة حشرات وحيوانات ما لا لحم له وفضلاته كالشمع والعسل والحرير الممتزج نعم يمنع الحرير الخالص ملبوساً للمصلي او مصحوباً له ويجوز دم البق والبرغوث وغيرهما من الحشرات قليلاً او كثيراً وكذا الصدف وهو غلاف اللؤلؤ, كما في صحيح ابن جعفر عن اخيه (ع) قال: وسألته عن اللحم الذي يكون في اصداف البحر والفرات ايؤكل؟ قال: ذلك لحم الضفادع لا يحل أكله(11) وقد تقدم جواز الصلاة فيه.
حكم- لا بأس بصحبة فضلات الانسان غير النجسة في الصلاة سواء منه او من غيره مثل الوسخ وشعره وريقه وعرقه ولبنه, كما لا مانع من وضع المرأة باروكة الشعر على شعرها والمصنوعة من شعر النساء او الرجال او الحيوانات التي قلنا بجواز صحبة شعرها وهي المأكولة اللحم كما في حديث الاسكاف ان ابا جعفر (ع) سئل عن القرامل التي تضعها النساء في رؤوسهن يصلنه بشعورهن فقال (ع): لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها(12).
حكم- قال في العروة (نعم لو اتخذ لباساً من شعر الانسان فيه اشكال)(13), هذا بعدما اجاز الصلاة بفضلاته, وما ادري ما عدا مما بدى وما المخصص اذا جاز فلم يحرم ان يكون لباساً الا ان يعتبره من لباس الشهرة, ومع تسليم ادخاله بالعنوان الآخر فتحريمه اول الكلام أيضاً.
حكم- من الحيوانات التي وصفت في الاخبار بالحلية, فعن ابن الحجاج, (سأل ابا عبد الله (ع) رجل وانا عنده عند جلود الخزع فقال ليس بها بأس, فقال الرجل: جعلت فداك انها علاجي وانما هي كلاب تخرج من الماء)(14), وفي المهذب: السمور كالسنور لفظاً ومعنى والقاقم على شكل الفأر والفنك نوع من الثعلب او من جراء الثعلب التركي ويطلق ايضاً على فرخ ابن آوى والحواصل من الطيور الكبار لها حواصل عظيمة(15), واما الرواية فيها فقد اختلفت واستقرب جواز الاصطحاب في الصلاة كخبر علي بن جعفر عن أخيه (ع): سألته عن لبس السمور والسنجاب والفنك والقاقم؟ قال (ع): (لا يلبس ولا يصلى فيه الا ان يكون ذكياً)(16).
حكم- اذا شك في كون اللباس الموجود من جلد الحيوان او من غير الجلد بنى على الطهارة والحلية وصحة الصلاة للشك بالمانعية باتفاق العلماء واما لو علم انه من حيوان وشك بانه من مأكول اللحم حيث صحة الصلاة به او من غيره لا تصح على القول بمانعية غير المأكول فاشتهر الاجازة في متأخري الاصوليين واشتهر الاشكال في المتقدمين فنقول اولاً: ان النواهي الشرعية لفرد يسري على جميع الافراد المشتملة على الوصف المانع بنحو السريان الاستغراقي سواء كان النهي نفسياً كقولك لا تسجد لمخلوق او غيرها كقولك صل ولكن لا تصحب غير المأكول ولا الحرير ولا الذهب ولا الميتة وما شابه, فما علم فيه وجود المانع فاللازم رفع المانع وايجاد التام لتصح الصلاة واما لو شك بوجود المانع فيه فبناء الفقهاء على اصالة عدم وجود المانع, نعم ان بعضهم اشكل بالصحة لان في نظره ان حلية اللحم شرط وليس عدم الحلية مانع والشك بوجود الشرط شك بوجود المشروط, والفرق بينهما ان المانع يقول كل لبس تصح به الصلاة ما لم يعلم انه جلد غير المأكول.
والذي يدعي الشرطية يقول كل جلد حيوان تبطل به الصلاة ما لم يعلم بانه يؤكل لحمه ومزكى كما قالوا عند ارادة الاكل وشك الاكل بالتذكية اذ قالوا التذكية شرط وما لم نعلم بحصولها لا يجوز الاكل, وكلاهما يقول الكبرى ليست حجة على الصغرى المشكوكة ولكن الكبرى بالنسبة للمانعية كل غير محلل اللحم مبطل للصلاة فالصغرى هذا الجلد لم يثبت أنه غير مأكول اللحم فالصلاة فيه صحيحة والقائل بالشرطية كبراه: حلية اللحم شرط لصحة الصلاة وهي ليست حجة على هذا لم يثبت انه محلل اللحم فالنتيجة لم يثبت صحة الصلاة بهذا الجلد, وثانياً: ان الاقوال ثلاثة الاثنان اللذان عرفت مانعية غير المأكول وعليه الأكثر وتقضية سهولة الدين وسماحة الاسلام وشرطية المأكول اللحم وهذا الرأي قاله العلامة قدست نفسه والحقيقة ان الثالث يرجع الى الثاني لاننا قلنا بالشرطية ابطلنا الصلاة المشكوك رأساً وسقط البحث من رأس, فلا معنى ثبوتاً للجميع بين النافي والمنفي والدافع والمدفوع والمقدم والمؤخر فضلاً عن امكان اثابته, وكيف كان فالتقييد بالنسبة للجلود المعلومة معلوم فيُمنع غير المأكول اللحم ويُجاز في الصلاة المأكول, واما المشكوك فمشكوك المانعية ويكون من موارد البراءة سواء كانت الشبهة حكمية او موضوعية, وثالثاً: عمدة الدليل الذي انطلقوا منه واختلفوا ما يلي من الاحاديث بالاضافة الى ما مضى منها: موثق ابن بكير ان الصلاة في وبر كل شيء حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شيء منه فاسد لا تجوز الصلاة فيه, وكذا مكاتبة الهمداني وخبر محمد بن اسماعيل(17) والابهري قال: (ولا تصلي في جلد ما لا يشرب لبنه)(18), ووصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (ع): (لا تصلي فيها)(19), فهذه النصوص ظاهرة بالمانعية وليس ظاهرة بالشرطية والاشكال في ذيل الموثق: لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما أحل أكله(20), أدعي بانها ظاهرة بالشرطية فما لم يعلم بحليته فالصلاة به باطلة ورد بانه عبارة عما ذكر في الصدر, ايضاً لو كان الذيل ظاهر في الشرطية فالصدر اظهر والروايات الاخرى اظهر في المانعية فلها الترجيح, وثالثاً على فرض الشرطية فتقييد الصلاة بالمعلوم معلوم واما التقييد بالمشكوك فغير ظاهر والاصل عدمه, ورابعاً: مقتض حديث الرفع الوارد مورد الامتنان للتسهيل على الامة وحديث (كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه)(21), بناء على شمولهالحلية والحرمة للنفسية والغيرية.